للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ذلك يقول الشييخ أحمد الزرقا: « ... لما تقدم في المادة السابقة من أن الفاعل هو العلة المؤثرة، والأصل في الأحكام أن تضاف إلى عللها المؤثرة لا إلى أسبابها الموصلة؛ لأن تلك أقوى وأقرب؛ إذ المتسبب هو الذي تخلل بين فعله والأثر المترتب عليه من تلف أو غيره فعل فاعل مختار، والمباشر هو الذي يحصل الأثر بفعله من غير أن يتخلل بينهما فعل فاعل مختار، فكان أقرب لإضافة الحكم إليه من المتسبب» (١).

ويؤيد هذا الأصل قوله جلَّ وعلا: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٢).

وكذلك ما جاء عن عمرو بن الأحوص (٣)

- رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في حجة الوداع للناس: ( ... ألا لا يجني جان إلا على نفسه، ألا لا يجني جان على ولده، ولا مولود على والده .. ) (٤).

فإنه يستدل بهذه الآية الكريمة والحديث النبوي الشريف على المبدأ العام الذي ينص على عدم مساءلة الإنسان عن ضرر أو تلف يحدثه غيره، ولا يدَ له


(١) شرح القواعد (ص ٤٤٧).
(٢) سورة الأنعام، الآية [١٦٤].
(٣) هو الصحابي الجليل أبو سليمان عمرو بن الأحوص بن جعفر بن كلاب الجشمي؛ من بني جشم بن سعد، وقيل: إنه أنصاري، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشهد معه حجة الوداع، وشهد اليرموك في زمن عمر - رضي الله عنه -، وروى عنه ابنه سليمان.

انظر: الطبقات الكبرى (٦/ ١٢٧)، الإصابة (٤/ ٢٨٣)، تهذيب التهذيب (٨/ ٣).
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٤٩٨ - ٤٩٩)، والترمذي في سننه: كتاب الفتن، باب ما جاء «دماؤكم وأموالكم عليكم حرام» (٤/ ٤٠١) برقم ٢١٥٩، وفي كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة التوبة (٥/ ٢٥٥) برقم ٣٠٨٧، وابن ماجه في سننه: كتاب المناسك، باب الخطبة يوم النحر (٣/ ٤٨٦) برقم ٣٠٥٥، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصحّحه الألباني في إرواء الغليل (٧/ ٣٣٢ - ٣٣٤).

<<  <   >  >>