للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش: بأن المكرَه على إتلاف المال معذور في ذلك الفعل، فلم يلزمه ضمان، بخلاف المكرَه على القتل فإنه غير معذور؛ لأن حرمة الشخص أعظم من حرمة المال، بل ولا يجوز إتلاف نفس الغير لإبقاء نفسه، فلذلك فإنهما يشتركان في الضمان في القتل دون إتلاف المال (١).

أدلة القول الثالث:

علل أصحاب هذا القول لقولهم: بأن الضمان يجب على المكرَه والمكرِه، هذا لمباشرته وهذا لتسببه، لكن المكره الفاعل يقدم في الغرم على المكرِه الآمر؛ لأن المباشر يقدم على المتسبب (٢).

نوقش: بأنه لا شك أن المباشرة مقدمة على التسبب، لكن ليس في جميع أحوالها؛ لأن التسبب قد يقوى على المباشرة - كما سبق -، فيحال الضمان على المتسبب، وذلك إذا كانت المباشرة مبنية على السبب وناشئة عنه -كما في مسألتنا هذه - (٣).

أدلة القول الرابع:

علل أصحاب هذا القول لقولهم بما يأتي:

١ - «إن المتلف هو المكرِه من حيث المعنى، وإنما المكرَه بمنزلة الآلة على معنى أنه مسلوب الاختيار إيثارا وارتضاء، وهذا النوع من الفعل مما يمكن


(١) انظر: تقرير القواعد (٢/ ٦٠٣)، وحاشيته في الصفحة نفسها.
(٢) انظر: حاشية الدسوقي (٣/ ٤٤٤)، منح الجليل (٧/ ٨٦).
(٣) راجع قاعدة: (المباشر والمتسبب إذا اجتمعا في الإتلاف فالضمان على المباشر دون المتسبب) كما في صفحة ٣٣٣.

<<  <   >  >>