للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - إن المثل أقرب إلى المضمون من القيمة؛ لأن المثل يشبهه في الصورة والمشاهدة والمعنى، بخلاف القيمة، فإنها تشبهه في المعنى، وقد أمكن الإتيان بالمثل، فكان أعدل وأتمّ وأولى من القيمة، كما يقدم النص على القياس، لكن النص طريقه الإدراك بالسماع، والقياس طريقه الظن والاجتهاد (١).

٧ - ولأن ضمان الإتلاف من باب ضمان جبر الفائت، ومعنى الجبر بالمثل أكمل منه من القيمة، فلا يعدل عن المثل إلى القيمة إلا عند التعذر (٢).

ورغم حكاية الاتفاق في هذه المسألة من قبل بعض العلماء - كما سبق -، ونفي الخلاف فيها من قبل البعض الآخر - كما سبق -، ووجود هذه الأدلة الواضحة، إلا أني وقفت على قول آخر في المسألة، وهو: أن من أتلف مثلياً وجبت عليه القيمة دون المثل، وهو رواية عن الإمام أحمد (٣)، ونسبه أبو بكر السرخسي إلى نفاة القياس (٤)، كما نسبه غيره إلى بعض الفقهاء (٥).

وذكر أبو بكر السرخسي لهم تعليلا، وهو: «أن حقّ المغصوب منه في العين والمالية، وقد تعذر إيصال العين إليه، فيجب إيصال المال إليه، ووجوب الضمان على الغاصب باعتبار صفة المالية، ومالية الشيء عبارة عن قيمته» (٦).

ويغني في الردّ عليه ما سبق ذكره من النصوص الشرعية والأدلة العقلية.


(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٥٠)، الاختيار (٣/ ٧٤)، المغني (٧/ ٣٦١).
(٢) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٥٠).
(٣) انظر: الإنصاف (١٥/ ٢٥٤ - ٢٥٥).
(٤) انظر: المبسوط (١١/ ٥٠)، المحلى (٦/ ٤٣٧).
(٥) انظر: المحلى (٦/ ٤٣٧).
(٦) المبسوط (١١/ ٥٠).

<<  <   >  >>