للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش هذا التعليل: بأن هذا قياس مع الفارق؛ لأن الغاصب أخذ العين بدون إذن مالكها، فيجب عليه الضمان، لتعديه، بخلاف المستعير فقد أخذ العين بإذن مالكها، فلم يجب عليه الضمان إلا بالتعدي والتفريط كالوديعة (١).

أدلة القول الثاني:

استدل أصحاب هذا القول بأدلة من السنة والعقل، وقد جعلتها في قسمين:

القسم الأول: الأدلة على عدم الضمان - فيما لا يغاب عنه ولا يخف هلاكه - إلا بتعد أو تفريط، وهي:

١ - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليس على المستعير غير المغل (٢)

ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان) (٣).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفي الضمان عن المستعير إذا لم يغل، وهذا محمول على ما لا يغاب عنه ولا يخفى هلاكه.

نوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الأول: أن هذا الحديث ضعيف لا يصح؛ لوجود رجلين ضعيفين في إسناده، كما بينته في الحاشية.


(١) انظر: المحلى (٨/ ١٤٥).
(٢) المغل: أي الخائن، من الإغلال وهي الخيانة في كل شيء.

انظر: النهاية في غريب الحديث (٣/ ٣٨١)، مختار الصحاح (ص ٤٧٩).
(٣) أخرجه الدارقطني في سننه (٣/ ٤١)، والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب العارية، باب من قال لا يغرم (٦/ ٩١). وفي إسناده: عمرو بن عبد الجبار وعبيدة بن حسان، وهما ضعيفان كما قال الدارقطني، ثم قال الدارقطني: وإنما يروى عن شريح القاضي غير مرفوع. وكذلك ضعفه الشوكاني - كما في السيل الجرار (٣/ ٢٨٦، ٣٤٢). وانظر: التلخيص الحبير (٣/ ٢١٠).

<<  <   >  >>