للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: إن إرسال المالك بهيمته للرعي في النهار لا يعدّ تعدّيا، وإنما التعدي إرسالها في الليل.

أدلة القول الرابع:

استدل أصحاب هذا القول بأدلة من الكتاب والسنة والعقل، هي كما يأتي:

١ - قال الله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ} (١).

وجه الدلالة: أن داود عليه السلام قضى بتسليم الغنم لأصحاب الزرع مقابل زرعهم، وقضى سليمان عليه السلام بدفع الغنم لأصحاب الزرع يستفيدون من درها ونسلها وخراجها حتى ينبت زرع آخر، والنفش أن تنتشر الغنم بالليل ترعى بلا راع (٢).

نوقش هذا الدليل: بأن هذه الآية منسوخة بحديث أبي هريرة السابق مرفوعا: (العجماء جرحها جبار) (٣).

أجيب عنه: بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال مع الجهل بالتاريخ، لا سيما وأنه لا يوجد تعارض - ولله الحمد - بين الآية والحديثين إذا قلنا بأن ما أتلفته البهيمة بالنهار، لا يضمنه مالكها، وما أتلفته بالليل ضمنه.


(١) سورة الأنبياء، الآيتان [٧٨ - ٧٩].
(٢) انظر: بداية المجتهد (٢/ ٣٩٤)، الجامع لأحكام القرآن (١١/ ٢٠٣ - ٢٠٤)، الفروق (٤/ ١٨٦ - ١٨٧)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٠/ ٣٠٦)، نيل الأوطار (٥/ ٣٦٦).
(٣) انظر: اللباب للمنبجي (٢/ ٧٢٧، ٧٢٨).

<<  <   >  >>