للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اشترط الحنفية للعمل بهذه القاعدة أن يتحد السبب والمحل في الأجر والضمان (١)، فأما إذا اختلفا فلا مانع من اجتماع الأجر والضمان، كما لو استأجر دابة على أن يركبها بنفسه إلى محل معين، فركبها بنفسه، ولكنه أردف معه من يتمسك بنفسه، وبعد وصوله إلى ذلك المحل هلكت الدابة؛ فإنه يلزمه الأجر، ويضمن نصف قيمة الدابة، أما لزوم الأجر فلأنه ركب بنفسه واستوفى المنفعة المعقود عليها، وأما ضمان نصف القيمة فلأنه تعدى بأن أركب معه من يستمسك بنفسه، فكان الأجر لسبب والضمان لسبب آخر (٢).

ويعبر الشيخ مصطفى الزرقا عن هذا الشرط بقوله: «على أن الحنفية يقيدون هذه القاعدة بأن لا يكون الأجر قد استقر على الشخص قبل صيرورته في حالة ضمان للعين، فإذا كان الأجر المسمى قد استقر عليه قبلا، كما لو استوفى المنفعة المعقود عليها أولاً، ثم تجاوز حتى صار متعديا في حكم الغاصب، فإنه - وإن أصبح متحملا لتبعة هلاك المأجور - يلزمه الأجر عندهم إذا لم يهلك.

أما إذا هلك المأجور بعد التعدي قبل الرد إلى المالك، فإنه يضمنه ولا أجر عليه عندئذ على كل حال، لاندماج ضمان المنافع في ضمان الأصل» (٣).


(١) انظر: شرح المجلة (ص ٥٧ - ٥٨)، درر الحكام (١/ ٨٩ - ٩٠)، شرح القواعد (ص ٤٣١).
(٢) انظر: المراجع السابقة.
(٣) المدخل الفقهي للزرقاء (٢/ ١٠٣٧ - ١٠٣٨). وانظر: شرح القواعد (ص ٤٣٢)، ونظرية الضمان للزحيلي (ص ٢١٧).

<<  <   >  >>