للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال قبل ذلك ما نصه: «وتوالي الضمانين ليس بعلة مؤثرة، ولا تنافي بين كون العين الواحدة مضمونة له من وجه، وعليه من وجه آخر، فهي مضمونة له وعليه باعتبارين. وأي محذور في هذا؟ كمنافع الإجارة؛ فإن المستأجر له أن يؤجر ما استأجره، فتكون المنفعة مضمونة له وعليه، وكالثمار بعد بدوّ صلاحها، له أن يبيعها على الشجر، وإن أصابتها جائحة رجع على البائع، فهي مضمونة له وعليه، ونظائره كثيرة» (١).

وبعد هذا، فالذي يظهر - والعلم عند الله تعالى - ضعف هذه القاعدة، ولكن ضعفها لا يعني جواز بيع المبيع قبل قبضه، فهذه مسألة وتلك مسألة أخرى.

وقد جاءت النصوص الكثيرة من السنة النبوية بالمنع من بيع المبيع قبل قبضه، وأكتفي منها بذكر حديثين:

أولهما: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه) وفي لفظ: (حتى يكتاله). قال ابن عباس: وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام (٢).

والثاني: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ابتعت زيتاً في السوق، فلما استوجبته لنفسي لقيني رجل فأعطاني به ربحا حسنا، فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفتّ فإذا زيد بن ثابت، فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (٣).


(١) تهذيب السنن (٥/ ١١٥). وانظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٩/ ٥٠٩).
(٢) سبق تخريجه صفحة ٢٦١.
(٣) سبق تخريجه صفحة ٢٦٣.

<<  <   >  >>