للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الأعمال بالنية» (١)، وكسائر العبادات.

وأما السعي فلأنه قد روي عن عائشة أنها قالت: «لعمري ما أتم الله حجَّ من لم يطف بهما» (٢) تعني: الصفا والمروة، ولأن النبي : «أمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت ويسعوا بين الصفا والمروة» رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر (٣).

(وعنه: أنه سنة (٤) (٥)؛ لهذا الخبر (٦). (٧)


(١) سبق تخريجه في المسألة [٦٠/ ١].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (١٦٩٨) ٢/ ٦٣٥، ومسلم في صحيحه (١٢٧٧) ٢/ ٩٢٨.
(٣) الذي في الصحيحين أن ابن عمر سئل: أيقع الرجل على امرأته في العمرة قبل أن يطوف بين الصفا والمروة؟ قال: قدم رسول الله فطاف بالبيت سبعًا، ثم صلى خلف المقام ركعتين، وطاف بين الصفا والمروة وقال: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة». صحيح البخاري (١٥٤٤) ٢/ ٥٨٧، وصحيح مسلم (١٢٣٤) ٢/ ٩٠٦، وقد أشار ابن تيمية في شرح العمدة ٥/ ٣٦٩ إلى أن هذا الحديث يستفاد منه الوجوب.
والأمر بالطواف بين الصفا والمروة به جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس ونصه قال: «لما قدم النبي مكة أمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبالصفا والمروة، ثم يَحِلِّوا ويحلقوا أو يقصروا»، صحيح البخاري (١٦٤٤) ٢/ ٦١٧ واللفظ له، وصحيح مسلم بنحوه (١٢٦٤) ٢/ ٩٢١.
(٤) في المطبوع من المقنع ص ١٣١ صيغت هذه العبارة بقوله: (وعنه أنها ثلاثة، وأن السعي سنة، واختار القاضي أنه واجب وليس بركن).
(٥) وذلك في رواية أبي طالب والميموني وحرب عن الإمام. ينظر: التعليقة الكبيرة الجزء الرابع ٢/ ٥٥.
(٦) أشكل علي ما يرجع إليه اسم الإشارة في الاستدلال لسنية السعي بين الصفا والمروة، فإن كان حديث ابن عمر المتقدم فكيف يستدل به على الوجوب والاستحباب، وإن كان المقصود الإشارة إلى حديث ابن عباس فهو نص في الوجوب فكيف يستدل به على الاستحباب، ولم أجد لذلك جوابًا بعد البحث في كتب المذهب والله أعلم.
(٧) ما قرره المصنف في السعي بين الصفا والمروة أنه ركن هو الصحيح من المذهب، والرواية الثالثة: أنه واجب. ينظر: الكافي ٢/ ٤٢٢، وشرح العمدة ٤/ ٣٥٨، والفروع ٦/ ٦٨، والإنصاف ٩/ ٢٩٠، وكشاف القناع ٦/ ٣٥٨.
وأما الإحرام فالصحيح من المذهب أنه ركن أيضًا، والرواية الثالثة: أنه شرط. ينظر: الكافي ٢/ ٤٥٨، وشرح العمدة ٤/ ٣٣٢، والفروع ٦/ ٦٨، والإنصاف ٩/ ٢٩٠، وكشاف القناع ٦/ ٣٥٨.
فائدة: حرر ابن تيمية في شرح العمدة ٦/ ٣٣٢ - ٣٣٣ خلاف المذهب في حكم الإحرام فقال ما مختصره: الاختلاف في الاحرام اختلاف في عبارة، وذلك أن الاحرام يُعني به شيئان، أحدهما: قصد الحج ونيته، وهذا مشروط في الحج بغير خلاف، فإن الحج لا يصح بغير نية باجماع المسلمين، وهذا المعنى هو الغالب على أصول أصحابنا، لأن الإحرام ينعقد بمجرد النية، فعلى هذا منهم من يجعل هذا القصد والنية ركنًا، وهو الغالب على قول الفقهاء المصنفين في المذهب من أصحابنا، وهو الجاري على أصول أحمد … ومنهم من يجعله شرطًا للحج بمنزلة الطهارة للصلاة، وهو قول كثير من مصنفي الخلاف من أصحابنا … والتحقيق أنه أصل منفرد بنفسه كما أن الحج عبادة مستقلة بنفسها، وهو يشبه أركان العبادة من وجه، وشروطها من وجه فإنه ركن مستدام إلى آخر العبادة.
والمعنى الثاني للإحرام هو التجرد عن المخيط وكشف الرأس واجتناب المحظورات، وهذا واجب ليس بركن ولا شرط، فمن فهم الإحرام هذا المعنى قال إن أركان الحج ركنان، ومن فهم المعنى الأول قال أركانه ثلاثة، ومن اعتقد الإحرام شرطًا قال إن أركانه ركنان، فعلى هذا قيل الإحرام شرط، وقيل هو ركن، وقيل هو واجب، على ما بيناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>