للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصِحُّ)؛ لأن النهي لمعنًى في غير المنهي عنه فصح كتلقي الركبان، ولأن النَّهيَ اختص بأول الإسلام لما كان عليهم من الضيق.

(والأخرى: لا يصِحُّ)، وهو الصحيح؛ لأن النبي «نهى أن يبيع حاضرٌ لبادٍ» رواه ابن عباس وغيره، قال: فقلت لابن عباس: «ما قوله حاضرٌ لبادٍ». قال: «لا يكون له سِمْسارًا» متفق عليه (١).

وروى مسلم عن جابر قال: قال رسول الله : «لا يبيع حاضرٌ لبادٍ، دَعُوا الناسَ يَرزُق الله بعضَهم من بعض» (٢)، والبادي: هو من يدخل البلدة من غير أهلها، سواء كان بَدويًّا، أو من قَريةٍ، أو بلدةٍ أخرى.

والمعنى في النَّهي أنه متى تُرِكَ البَدويُّ يبيع سلعته اشتراها الناس برخْصٍ، وتوسَّعَ عليهم السعر، وإذا تَولى الحاضر بيعها وامتنع أن لا يبيعها إلا بسعر البلد ضاق على البلد، وقد أشار إلى ذلك بقوله: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض». (٣)

(ويشترط لعدم الصحة خمسة شروطٍ: وهي أن يَحضُر البَدوِيُّ لبيع سلعته بسعر يومها، جاهلًا بسعرها، ويقصده الحاضر، وبالناس حاجةٌ إليها (٤)، وإنما اشترط ذلك لأن النهي عن ذلك مُعَلَّلٌ بالضَّررِ الحاصل


(١) صحيح البخاري (٢٠٥٠) ٣/ ٧٥٧، وصحيح ومسلم (١٥٢١) ٣/ ١١٥٧، والقائل في الحديث لابن عباس هو: طاوس بن كيسان، تابعي شهير.
(٢) صحيح مسلم (١٥٢٢) ٣/ ١١٥٧.
(٣) ما قرره المصنف وصححه من عدم جواز بيع الحاضر للبادي هو المذهب، وفي المذهب خلاف على رواية الصحة هل يكره البيع أو يحرم؟ على روايتين. ينظر: الكافي ٣/ ٣٧، والفروع ٦/ ١٧٥، والإنصاف ١١/ ١٨٣، وكشاف القناع ٧/ ٣٧٧.
(٤) في المطبوع من المقنع ص ١٥٦ زيادة قوله: (فإن اختل منها شرط صح البيع).

<<  <  ج: ص:  >  >>