والظاهر أنها لا تقول مثل هذا التغليظ وتقدم عليه إلا بتوقيف سمعته من رسول الله ﷺ، فجرى مجرى روايتها ذلك عنه؛ لأن ذلك ذريعةٌ إلى الربا، فإنه إنما أدخل السِّلعة ليستبيح بيع ألفٍ بخمسمئةٍ إلى أجلٍ فيكون حرامًا؛ لقوله: ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥]، وتسمى مسأله العِينة.
وأما البيع بمثل الثمن وأكثر منه فيجوز؛ لأنه لا يكون ذريعة.
فإن اشتراها بسلعةٍ أخرى جاز؛ لأن التَّحريم إنما كان للربا، ولا ربا بين الأثمان والعروض.
(وإن كانت قد تغيرت صفتها) فإن كان عبدًا فهَزُلَ، أو ثوبًا فتَخَرَّق (فله شراؤها بما شاء) نقدًا أو نَسيئةً؛ لأن نقصان الثَّمنِ لنقصان المبيع.
(وإن اشتراها أبوه أو ابنه، جاز) كما لو اشتراها أجنبي غيرهما.
[١٤٥٠/ ٤٦] مسألة: (وإن باع ما يجري فيه الربا نسيئةً، ثم اشترى منه بثمنه قبل قبضه من جنسه، أو ما لا يجوز بيعه به نسيئةً، لم يجز)؛ لأنه في معنى ما تقدم، وذلك لأنه باع طعامًا إلى أجلٍ بدراهم، فلما حَلَّ الأجل أخذ بالدراهم قبل قبض الدراهم طعامًا، إما من جنس ذلك الطعام أو من غير جنسه مما لا يجوز بيع بعضه ببعض نسيئةً، بأن يكون عليهما واحدةٌ كالحنطة والشعير، فيكون كأنه قد باع قَفيزَ طعامٍ إلى شهرٍ بقَفيزين طعامٍ نسيئةً، وذلك لا يجوز، لأن النبي ﷺ نهى عن بيع الطعام