للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أنه أوتي - مع سَعة فهمه واطلاعه على العلوم - ذكاءً وفطنةً، فكان يفحم الخصوم بالحجج والبراهين، ولا يتحرّج ولا ينزعج من المناظرة ومطارحة العلم، وكان لا يناظر أحدًا إلا ويبتسم. (١)

ومما نقله الحافظ الضياء في صفته الخَلقِيَّة أنه: «كان تامَّ القامة، أبيض، مُشرق الوجه، أدعَجَ العينين، كأنَّ النُّور يخرج من وجهه لحُسنه، واسع الجبين، طويل اللّحية، قائم الأنف، مقرون الحاجبين، لطيف اليدين، نحيف الجسم» (٢).

كما كان كثير الحياء، عزوفًا عن الدنيا وأهلها، هيِّنًا لينًا متواضعًا، محبًّا للمساكين، حسن الأخلاق، جوادًا، سخِيًّا، كثير العبادة، يقرأ كل يوم وليلة سُبُعًا من القرآن، ولا يصلي ركعتي السُّنة في الغالب إلا في بيته اتباعًا للسُّنة، وكان صحيح الاعتقاد، مبغضًا للمشبهة، قال فيه سبط ابن الجوزي: «من رآه كأنما رأى بعض الصحابة، كأن النور يخرج من وجهه» (٣).

رِحلاته في العلم وشيوخه:

رحلته الأولى إلى بغداد: رحل إليها وهو شاب في سنة ٥٦١ هـ (٤)، وقرأ فيها مختصر الخرقي مع ابن خالته عبد الغني المقدسي على الشيخ عبد القادر الجِيلاني، حيث أدركاه نحوًا من خمسين يومًا، ونزلا في مدرسته، ولما توفي الشيخ عبد القادر لازم الموفق الشيخ ابن المَنِّي، وبقي في بغداد نحوًا من أربع سنين، كما قرأ على عدد من المشايخ في بغداد، منهم: شيخ بغداد أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن هلال الدقاق


(١) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٧٠، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب (٧/ ١٥٦).
(٢) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٨، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب (٧/ ١٥٦).
(٣) مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (٢٢/ ٢٦٦)
(٤) المطلع للبعلي ص ٥٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>