للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا خلاف في لزومه بعد التَّفرُّقِ.

والمرجع فيه إلى عُرفِ الناس وعاداتهم؛ لأن الشارع عَلَّقَ عليه حُكمًا ولم يبينه، فدلَّ على أنه أبقاه على ما يعرفه الناس كالقبض والإحراز.

فالتفرق العُرفي هو التَّفرُّق بالأبدان، وقد سُئل أحمد فقال: «إذا أخذ هذا كذا وهذا كذا فقد تَفَرَّقا» (١)، وروى مسلم عن نافعٍ قال: «وكان ابن عمر إذا بايع رجلًا فأراد أن لا يُقيله مشى هُنيهة ثم رجع» (٢)، وتفسيره أولى؛ لأنه راوي الحديث. (٣)

فمتى حصل التَّفرق لزم العقد، قَصَدَا ذلك أو لم يقصداه، علما أو لم يَعلما؛ لأن النبي عَلَّق الخيار على التَّفرُّقِ، وقد وُجِدَ.

وكذلك الحكم في الصلح بمعنى البيع، يثبت فيه خيار المجلس؛ لأنه عقدُ معاوضةٍ أشبه البيع.

والهبة بعوضٍ كذلك لذلك في إحدى الروايتين. (٤)


(١) وذلك في رواية أبي الحارث عن الإمام. ينظر: المغني ٤/ ٦.
(٢) سبق تخريجه قريبًا.
(٣) قرر في الإنصاف ١١/ ٢٧٣ أن ضابط التفرق عرفي كل مكانٍ بحسبه، وذكر عددًا من الأمثلة على ذلك، لم أذكرها خشية الإطالة في النقل.
(٤) الخلاف في الهبة بعوض هو بناءً على الخلاف في كونها بيعًا أو يغلب فيها حكم الهبة؟ فعلى القول بأنها بيعٌ يثبت فيها خيار المجلس وهو الصحيح من المذهب. ينظر: المغني ٤/ ٢٣، والإنصاف ١١/ ٢٧٢، وكشاف القناع ٧/ ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>