(وهو ضربان: أحدهما: له مثل من النَّعم، فيجب فيه مثله، وهو نوعان: أحدهما: قضت فيه الصحابة ﵃، ففيه ما قضت)، وجملته أن الصيد المحرَّم الذي يجب فيه الجزاء صيدُ البر، وهو ما جمع ثلاثة أشياء: أن يكون مباحًا أكله، لا مالكَ له، ممتنعًا، فيخرج منه: المحرَّم الأكل كسباع البهائم، والمستخبث من الحشرات، وأن يكون وحشيًّا لا مالك له، فكل ما ليس بوحشي لا جزاء فيه كبهيمة الأنعام كلها.
فلو استأنس الوحشي وجب فيه الجزاء، ولو توحَّش الإنسي لم يجب فيه الجزاء، ولذلك وجب الجزاء في الحَمام، إنسيًّا كان أو وحشيًّا، اعتبارًا بأصله.
إذا ثبت هذا فما كان له مثلٌ من النعم، وهي الإبل والغنم، ففيه مثله؛ لقوله ﷿: ﴿فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، وليس المراد حقيقةَ المماثلة، فإنها لا تتحقق بين النعم والصيود، لكن المماثلة من حيث الصورةُ، أو المشابهةُ من وجه، أو كونُه أقربَ بهيمة الأنعام به شَبهًا؛ لأن الصحابة ﵃ أجمعوا على وجوب المِثل، وإجماعهم حجَّةٌ، وقولهم متَّبعٌ؛ لقوله ﵇:«أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم»(١)،
(١) هذا الحديث روي عن عدد من الصحابة، منهم جابر وأبو هريرة وابن عباس وغيرهم ﵃، رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ٢/ ٩١ عن جابر ﵁، وقال عقبه: «إسناده لا تقوم به حجة، وفيه مجهول»، وابن حزم في الإحكام ٦/ ٢٤٤، والبيهقي في المدخل ص ١٤٦ وقال عقبه: «هذا حديث متنه مشهور، وأسانيده ضعيفة، لم يثبت في هذا إسناد»، وقد تواردت نصوص أهل العلم بعدم صحة هذا الحديث، فقال الإمام أحمد: «لا يصح هذا الحديث»، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة ١/ ١٤٤: «موضوع».