تتجلى قيمة الكتاب في أمور سأذكرها من دون تقصٍّ، لكثرة القائلين بها تفاديًا للتطويل، مع الاعتماد ما أمكن على أقدم المقررين لها، وذلك كما يلي:
الأول: ما سبق من مكانة مؤلفه الموفق ابن قدامة وثناء العلماء عليه عمومًا.
الثاني: ثناء كبار علماء المذهب على الكتاب وعنايتهم به، فمن ذلك:
- ما قاله البرهان ابن مفلح (ت ٨٨٤ هـ): «وكنت قرأت فيه - أي في أثناء انشغالي بالعلم - كتاب المقنع لشيخ الإسلام العلامة موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة، تغمده الله برحمته، وأسكنه بُحبوحة جنته، وهو من أجلِّها تصنيفًا، وأجملها ترصيفًا، وأغزرها علمًا، وأعظمها تحريرًا، وأحسنها ترتيبًا وتقريرًا، فتصديت لأن أشرحه شرحًا يُبين حقائقه، ويوضح دقائقه، ويذلل من اللفظ صعابه، ويكشف عن وجه المعاني نِقابه، أنبه فيه على ترجيح ما أطلق، وتصحيح ما أغلق»(١).
- وقال المرداوي (ت ٨٨٥ هـ): «أما بعد، فإن كتاب المقنع في الفقه، تأليف شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، قدس الله روحه، ونور ضريحه، من أعظم الكتب نفعًا، وأكثرها جمعًا، وأوضحها إشارةً، وأسلسها عبارةً، وأوسطها حجمًا، وأغزرها علمًا، وأحسنها تفصيلًا وتفريعًا، وأجمعها تقسيمًا وتنويعًا، وأكملها ترتيبًا، وألطفها تبويبًا؛ قد حوى غالب أمهات مسائل المذهب، فمن حصلها فقد ظفر بالكنز والمطلب، فهو كما قال