للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول أصَحُّ، فإن العَقدَ صحيحٌ، وإنما تَعذَّرَ التَّسليمُ، فهو كما لو اشترى عبدًا فأَبَقَ قبل القَبض، ولا تصِحُّ دعوى التَّعيين في ثمرة العام، فإنهما لو تراضيا على دفع الثَّمرة من غيره جاز، وإنما أُجبِرَ على دفعه من ثمرة العام لتمَكُّنِه من دفع ما هو بصِفَةِ حَقِّه. (١)

وإن تَعَذَّرَ البعض فللمشتري الخيار بين الفسخ في الكلِّ والرُّجوع في الثَّمن، وبين أن يصبر إلى حين الإمكان ويطالب ببقيَّة حَقِّه.

وإن أحبَّ الفَسخَ في المفقود دون الموجود كان له ذلك، لأن الفساد طَرَأَ بعد صِحَّة العقد، فلا يوجب الفساد في جميع المعقود، كما لو باعه صُبرَتين فتَلِفَت إحداهما، فله خيار الفسخ كما سبق.

(السادس: أن يقبض رأس مال السَّلم في مجلس العقد) قبل تفرقهما؛ لقوله : «من أسلف فليسلف في كيلٍ معلومٍ» (٢)، والإسلافُ: التقديم، ولأنه إنما سُمِّيَ سلفًا وسلَمًا لما فيه من تقديم رأس المال، فإذا تَأخَّر لم يكن سلمًا فلم يصِحَّ، ولأنه يصير بيع دينٍ بدينٍ.

فإن تفرَّقا قبل قبضه بطل، وإن تفرَّقا قبل قبض بعضه بطَلَ فيما لم يقبض، وفي المقبوض وجهان بناءً على تفريق الصفقة (٣). (٤)


(١) ما صححه المصنف أنه إن تعذر تسليم المسلم فيه خير رب السلم بين الصبر وبين الفسخ والرجوع برأس ماله أو عوضه إن كان معدومًا هو الصحيح من المذهب. ينظر: الكافي ٣/ ١٦٨، والفروع ٦/ ٣٢٨، والإنصاف ١٢/ ٢٧٥، وكشاف القناع ٨/ ١١٤.
(٢) من حديث ابن عباس ، وسبق تخريجه في ٣/ ٣٣٣.
(٣) ينظر: ٣/ ١٩٦.
(٤) لا خلاف في المذهب أن عدم تقديم رأس مال السلم مبطل لعقد السلم، وأما إن تفرقا قبل قبض بعضه بطل فيما لم يقبض وصح فيما قبض بناءً على تفريق الصفقة هو الصحيح من المذهب، والرواية الثانية: يبطل في الجميع. ينظر: الكافي ٣/ ١٦٣، والفروع ٦/ ١٦٠، والإنصاف ١٢/ ٢٧٨، وكشاف القناع ٨/ ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>