للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الثالث: خيار الغَبْن، ويثبت في ثلاث صور:

أحدها: إذا تَلقّى الرُّكبان فاشترى منهم وباع لهم، فلهم الخيار إذا هبطوا السوق وعلموا أنهم قد غُبنوا غَبنًا يَخرُج عن العادة)، روى ابن عباس قال: قال رسول الله : «لا تَلَقَّوُا الرُّكبان، ولا يَبيعُ حاضرٌ لبادٍ»، وعن أبي هريرة مثله، متفق عليهما (١).

فإن خالف وتلقى الركبان واشترى منهم فالبيع صحيحٌ، وذكر ابن أبي موسى والقاضي عنه رواية أخرى: «أن البيع باطل» (٢)؛ لأنه منهي عنه.

والأول أصَحُّ؛ لأن في حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: «لا تَلَقَّوُا الجَلَبَ، فمن تلقّاه فاشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار» هكذا رواه مسلم (٣)، والخيار لايكون إلا في عقدٍ صحيحٍ. (٤)

إذا تقرر هذا فللبائع الخيار إذا علم أنه قد غبن؛ لأنه إنما ثَبت لأجل الخديعة ودفع الضَّرَرِ عن البائع، ولا ضَرَرَ مع عدم الغبن، ويحتمل إطلاق الحديث على هذا لعِلمنا بمعناه ومراده؛ لأن النبي جعل له الخيار إذا أتى السوق، فيفهم أنه أشار إلى معرفته بالغَبْنِ في


(١) حديث ابن عباس في صحيح البخاري (٢٠٥٠) ٢/ ٧٥٧، وصحيح مسلم (١٥٢١) ٣/ ١١٧٥. وحديث أبي هريرة في صحيح البخاري (٢٠٤٣) ٢/ ٧٥٥، وصحيح مسلم (١٥١٥) ٣/ ١١٥٥.
(٢) الإرشاد ص ١٩٦، والروايتين والوجهين ١/ ٣٥٥، والقول بالبطلان هو في رواية الترمذي عن الإمام كما أوردها القاضي في المصدر السابق.
(٣) سبق تخريجه قريبًا.
(٤) ما قرره المصنف من صحة شراء متلقي الركبان وثبوت الخيار فيه إذا علم البائع حصول الغبن هو الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الحنابلة. ينظر: الكافي ٣/ ٣٦، والفروع ٦/ ٢٣٠، والإنصاف ١١/ ٣٣٥، وكشاف القناع ٧/ ٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>