للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب الهُدنة

(ولا يَصحُّ عقد الهُدنة والذِّمة إلا من الإمام أو نائبه، فمتى رأى المصلحة في عقد الهدنة جاز له عقدها مدةً معلومةً وإن طالت (١)، معنى الهدنة: موادعة أهل الحرب (٢)، وهي جائزةٌ؛ لقول الله سبحانه: ﴿بَرَاءةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ [الأنفال: ٦١].

وروى مَروان (٣) ومِسْوَر بن مخرمة أن النبي صالح سهيل بن عمرو بالحديبية على وضع القتال عشر سنين (٤)، ووادع النبي قبائل من المشركين وقريظة والنضير، ولأن المصلحة قد تكون في الهدنة، إما لضعف المسلمين عن قتالهم، أو طَمَعٍ في إسلامهم، أو التزامهم الجزية، أو غير ذلك.

ولا يجوز عقدها إلا من الإمام أو نائبه؛ لأنه عقدٌ يقتضي الأمان لجميع المشركين، فلم يجز لغيرهما كعقد الذِّمة.

إذا ثبت هذا فإن الهُدنة لا تتقدر بمدة، بل هي على ما يراه الإمام


(١) في المطبوع من المقنع ص ١٤٦ زيادة قوله: (وعنه: لا يجوز في أكثر من عشر سنين، فإن زاد على عشر بطل في الزيادة، وفي العشر وجهان)، وسياق المسألة يتضمنه.
(٢) قال في المطلع ص ٢٢١: «أن يعقد الإمام أو نائبه لأهل الحرب عقدًا على ترك القتال مدة، بعوض وغيره، وتسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة».
(٣) مروان هو: ابن الحكم، وقد سبقت ترجمته.
(٤) أخرجه في البخاري صحيحه (٢٥٨١) ٢/ ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>