للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما سِوى ذلك فقسمان: أحدهما: ما فيه ضرَرٌ بالمسلمين، وهو ثمانية أشياءَ: قَتْل مسلمٍ، أو قَذْفه، أو فَتْنُه عن دينه، أو قَطع الطريق عليه، أو زِنًا بمسلمةٍ أو أصابها باسم نكاحٍ، أو إيواء جاسوسٍ، أو دِلالَةٌ على عَورة المسلمين، أو ذَكَرَ الله تعالى أو رسولَه أو كتابه بسوء، ففيه روايتان: إحداهما: ينتقض العهد به، سواء شُرِطَ أو لم يُشرط؛ لما روي عن عمر أنه رُفع إليه رجلٌ أراد استكراه مسلمة على الزنا فقال: «ما على هذا صالحناكم»، وأمر به فصُلِب في بيت المقدس (١)، وقيل لابن عمر أن راهبًا يَشتُم رسول الله فقال: «لو سمعته لقتلته، إنا لم نُعطِ الأمان على هذا» (٢)، وروي عن عمر أنه أمر عبدالرحمن بن غنم أن يُلحق في كتاب صلح الجزيرة: «من ضرب مسلمًا فقد خلع عهده» (٣)، ولأنه لم يَفِ بمقتضى الذِّمة وهو الأَمْنُ من جانبه، فانتقض عَهْدُه كما لو قاتل المسلمين.

والثانية: لا يَنْتَقِضُ العهد به، ويقام عليه حَدُّ ذلك؛ لأن ما يقتضيه


(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٦/ ١١٥، وابن أبي شيبة في مصنفه ٥/ ٥٤٦، وسند عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن جابر عن الشعبي عن عوف بن مالك الأشجعي، وجابر هو الجعفي ضعيف، وسند ابن أبي شيبة قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن المجالد عن الشعبي عن سويد بن غفلة، ومجالد هو ابن سعيد أكثر المحدثين على تضعيفه، كما أخرج الأثر أبو عبيد في الأموال ص ٢٣٦، والبيهقي في الكبرى ٩/ ٢٠١، كلاهما من طريق ابن أبي شيبة.
(٢) أخرجه الخلال في أحكام أهل الملل ص ٢٦٥ من طريقين: أحدهما عن حنبل والآخر عن عبد الله، عن أبي عبدالله قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عمن حدثه، عن ابن عمر ، ورجال إسناده ثقات، فهشيم هو أبو معاوية بن بشير حافظة ثقة، وحصين هو ابن عبد الرحمن السلمي ثقة اختلط في آخر عمره، إلا أن في إسناده مبهمًا لم يسم عن حصين، والأثر استدل به الإمام أحمد. ينظر: الصارم المسلول ٢/ ٣٨٣.
(٣) سبق تخريجه في المسألة [١٣٦٨/ ١] في كتاب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم.

<<  <  ج: ص:  >  >>