للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صابرًا محتسبًا بلغ منازل الشُّهداء والدرجة الرفيعة، فكان أولى.

وإن استَأسَر جاز، بدليل قصة عاصم بن ثابت (١) وأصحابه ، حين نفرت إليهم هُذيلٌ، فقاتل عاصمٌ حتى قُتِل هو وجماعة من أصحابه، واستَأسَر خُبيب (٢) وزيد (٣)، فعاصمٌ أخذ بالعزيمة، وأخذ خبيب وزيد بالرُّخصة، وكلهم غير مذمومٍ، والحديث متفقٌ عليه (٤).

فإن كان العَدُّو أكثر من ضِعفِ المسلمين فغَلَبَ على ظنِّ المسلمين الظَّفرَ فالأولى لهم الثَّبات، وإن انصرفوا جاز للآية (٥).

وإن غَلَبَ على ظنهم الهَلاك في الإقامة والنَّجاة في الانصراف، فالأولى لهم الانصراف، وإن ثبتوا جاز؛ لأنَّ لهم غرضًا في الشهادة، ويجوز أن يَغْلِبوا.

وإن غَلَبَ على ظنهم الهلاك في الإقامة والانصراف، فأولى لهم الثبات، لينالوا درجة الشهداء المقبلين على القتال محتسبين، فيكونون أفضل من الموَلِّين، ولأنه يجوز أن يَغْلِبوا أيضًا، فإن الله تعالى قال:


(١) عاصم بن ثابت هو: أبو سلمان ابن أبي الأقلح، صحابي، قاتل مع النبي في بدر، واستشهد يوم بئر معونة، وله في قتله واقعة مشهورة في سيرته. ينظر: الاستيعاب ٢/ ٧٨٠، والإصابة ٣/ ٥٦٩.
(٢) خُبيب هو: ابن عدي بن مالك الأنصاري الأوسي، صحابي، شهد بدرًا واستشهد في عهد النبي . ينظر: الاستيعاب ٢/ ٤٤٠، والإصابة ٢/ ٢٦٣.
(٣) زيد هو: ابن الدَّثِنة بن معاوية بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصاري، صحابي، شهد بدرًا وأحدًا، وكان في غزوة بئر معونة، فأسره المشركون وقتلته قريش بالتنعيم. ينظر: الاستيعاب ٢/ ٥٥٣، والإصابة ٢/ ٦٠٤.
(٤) صحيح البخاري (٢٨٨٠) ٣/ ١١٠٨، ولم أجد الحديث في صحيح مسلم.
(٥) يعني قوله تعالى: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً﴾ [الأنفال: ٦٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>