للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن النبي أنه قال: «من ابتاع مُحفَّلةً فهو بالخيار ثلاثة أيامٍ، إن رَدَّها ردَّ معها مثل أو مثلي لبنها قَمحًا» رواه أبو داود (١)، ولأن هذا تدليسٌ بما يختلف الثمن باختلافه، فوجب به الرَّدُّ كما لو كانت شَمْطاء فسوَّدَ شعرها.

وقياسهم يبطل بتسويد الشَّعر، فإن بياضه ليس بعيبٍ كالكبر، وإذا دَلَّسَه ثبت له الخيار، وأما انتفاخ البَطنِ فقد يكون من الأكل والشرب، فلا معنى لحمله على الحمل، وعلى أنَّ هذا القياس يخالف النَّصَّ، واتباع قول رسول الله أولى. (٢)

(فإذا ردَّها لزمه بَدَلَ اللَّبنِ صاعٌ من تمرٍ) كما في الحديث (٣)، وفي لفظٍ: «ردَّها ورَدَّ صاعًا من تمرٍ، لا سَمراء» (٤)، يعني: لا يردُّ قمحًا.

وحديث ابن عمر مُطَّرَحُ الظاهر بالاتفاق، إذ لا قائل بإيجاب مثل لبَنها أو مثليه قمحًا، ثم قد شَكَّ فيه الراوي وخالفته الأحاديث


(١) سنن أبي داود (٣٤٤٦) ٣/ ٢٧١، كما أخرجه ابن ماجه في سننه (٢٢٤٠) ٢/ ٧٥٣، وضعفه البيهقي في سننه الكبرى ٥/ ٣١٩، وابن الملقن في البدر المنير ٦/ ٥٥١، وابن حجر في الفتح ٤/ ٣٦٤.
(٢) ما قرره المصنف من ثبوت خيار التدليس في التصرية مما لا نزاع فيه بالمذهب ولا عند الشافعية والمالكية، وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف من الحنفية في خلاف مع الجمهور فيما يرد معها. ينظر: المغني ٤/ ١٠٤، والفروع ٦/ ٢٢٧، والإنصاف ١١/ ٣٤٦، وكشاف القناع ٧/ ٤٣٨.
ثوثيق مذهب الشافعية: الأم ٧/ ١٧٦، والحاوي الكبير ٥/ ٢٣٦، والشرح الكبير للرافعي ٤/ ٢٢٩، وروضة الطالبين ٣/ ٤٦٦. توثيق مذهب المالكية: المدونة الكبرى ١٠/ ٢٨٦، والاستذكار لابن عبدالبر ٦/ ٥٣٢، وشرح مختصر خليل ٥/ ١٣٣.
(٣) أي حديث أبي هريرة ، وتقدم تخريجه قريبًا.
(٤) صحيح مسلم (١٥٢٤) ٣/ ١١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>