للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحرِمٌ، قال ابن المنذر: «أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل أن يأتي الميقات أنه مُحرِمٌ» (١).

لكن الأفضل الإحرام من الميقات، ويكره الإحرام من قبله؛ لأن النبي وأصحابه أحرموا من الميقات (٢)، وتبعهم أهل العلم على ذلك، ولا يفعل النبي إلا الأفضل، وروى الأثرم في سننه عن الحسن أن عمران بن حصين أحرم من البصرة فبلغ ذلك عمر فغضب وقال: «يتسامع الناس أن رجلًا من أصحاب النبي أحرم من مصره!» (٣)، ولأنه إحرامٌ بالحج قبل الميقات فكره كالإحرام قبل أشهر الحج، ولأنه تغريرٌ بالإحرام، وتعرض لفعل المحظورات، وفيه مشقةٌ على النفس فكره كالمواصلة في الصيام.

(وميقات الزمان شوالٌ، وذو القعدة، وعشرٌ من ذي الحجة)؛ لقول الله سبحانه: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧]، معناه: وقت الحج؛ لأن الحج أفعالٌ وليس بأشهرٍ، فلم يكن بُدٌّ من التقدير، وروى سعيد في سننه في قوله: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧]، قال: «هو شوال، وذو القعدة، وعشرٌ من ذي الحجة»، وروى هذا القول عن ابن عباس وابن عمر (٤)، وروي عن جابر وابن الزبير أنهم قالوا: «أشهر


(١) الإجماع ص ٤٨.
(٢) كما في حديث حابر بن عبد الله وسيأتي تخريجه في المسألة [١٠٠٨/ ١].
(٣) لم أجده في المطبوع من سنن الأثرم، والأثر أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٣/ ١٢٦، والطبراني في المعجم الكبير ١٨/ ١٠٧، قال في مجمع الزوائد: «ورجاله رجال الصحيح إلا أن الحسن لم يسمع من عمر».
(٤) أخرجهما سعيد بن منصور في سننه - قسم التفسير - ٣/ ٧٨٣، وأثر ابن عمر رواه البخاري في صحيحه أيضًا معلقًا بصيغة الجزم، ووصله ابن جرير في تفسيره ٤/ ١١٦، وصححه الحاكم في مستدركه ٢/ ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>