للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاف والفقه.

ثانيًا: أثر الرحلة في طلب العلم عليه واختيار الأصحاب فيها، مع ما حصل له بسبب فقره من الانكسار والتذلل والفطنة في أخذ العلم والحذق فيه، وصار ذلك سببًا في عناية عدد من الشيوخ به، وصدق القائل سبحانه: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً﴾ [النساء: ١٠٠].

ثالثًا: أن البهاء نشأ بين أسرة دين وعلم وتقًى، وجُبل على حسن الخلق وسماحة النفس كما كان عليه والده بل قرابته من الأئمة المقادسة جميعًا، وأثَّر عليه العلم في أخلاقه فزاده تقًى وهدًى حتى بان ذلك في هيئته وزهده، وتعاقبت هذه الصفات في ذريته من أبنائه وأحفاده حتى صارت ذرّية بعضها من بعض، فرحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جنّاته، وجمعنا معهم في دار كرامته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

[تتمة: المباحثات الفقهية بين البهاء المقدسي والموفق ابن قدامة]

كانت بين البهاء وبين الموفق مباحثات في مسائل فقهية:

منها: قال ابن رجب: «ومن مباحثه الحسنة: نقلت من خط بهاء الدين عبد الرحمن المقدسي: سئل شيخنا موفق الدين عن قول الخرقي: وإن أقر المحجور عليه بما يوجب حدًّا أو قصاصًا، أو طلق زوجته لزمه ذلك، وإن أقر بدينٍ لم يلزمه في حال حجره، ما الفرق بينهما؟

فقال: الفرق بينهما: أن الإقرار بالدين إقرار بالمال، والمال محجور عليه فيه، فلو قبلنا إقراره في المال أدى ذلك إلى فوات مصلحة الحجر، وهو أنه يقر لهذا بدين ولهذا، فيفوت عليه ماله، فلا يلزمه الإقرار فيه، وأما الإقرار بالحد والقصاص أو طلاق الزوجة: فإنه إقرار بشيءٍ لم يحجر عليه فيه، فلزمه، كما لولده أن يحجر عليه، وأيضًا فإنه إذا لزمه الإقرار في الحد والقصاص أدى إلى فوات حقه، وإذا لزمه الإقرار في

<<  <  ج: ص:  >  >>