للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المال أدى إلى فوات حقوق الغرماء، فلزمه الإقرار على نفسه، ولم يلزمه فيما يعود إلى غيره.

فقيل له على هذا: إن الإقرار بالحد أيضًا يؤدي إلى فوات حقوق الغرماء فيما كان الحاكم قد أخذه ليقضي دينه، على الرواية التي تقول: إنه إذا كان ذا صنعة، فإن الحاكم يؤجره ليقضي بقية دينه، ومع هذا فقد ألزمناه بالإقرار.

فقال: إنما يفوت ضمنًا وتبعًا، ويصير كما نقول في الزوجة: إنها إذا أقرت بالحد أو القصاص لزمها، وإن فات حق الزوج.

فقيل له: فما تقول في الحامل إذا أقرت بما يوجب حدًّا أو قصاصًا، أليس إنه ينتظر بها حتى تلد؟ فقال: ههنا يمكن الجمع بين الحقين، بخلاف ما نحن فيه» (١).

ومنها: أيضًا قول ابن رجب: «قرأت بخط الشيخ بهاء الدين، قال الخرقي: وإذا قال له: يا لوطي، وقال: أردت أنه من قوم لوط، فلا شيء عليه. وقال: إذا قَذف من كان مشركًا وقال: أردت أنه زَنَى وهو مشرك، لم يلتفت إلى قوله: وحُدَّ، سألت موفق الدين عن الفرق بينهما؟ فقال: قد قيل في الأدلة: إنها على خلاف الظاهر، وأنه لا يلتفت إلى قوله كالثانية، لأن قوم لوط قد انقرضوا، وهذا بعيد، وإن فرق بينهما، فلأنه إذا قال: أردت أنه زنى وهو مشرك، فقد ألحق به العار في الحال بقوله: يا زاني، والزنى عار في حالة الشرك، وقد وصفه به وهو مسلم، فلا يلتفت إلى تفسيره ويحد. وأما إذا قال: يا لوطي، وقال: أردت أنك من قوم لوط فقد نفى عنه العار، لأن كونه من قوم لوط: لا عار فيه، وقد فسر اللفظ بما يحتمله. والله أعلم» (٢).


(١) ذيل طبقات الحنابلة ٣/ ٣٠٦.
(٢) ذيل طبقات الحنابلة ٣/ ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>