للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي جَمَّاعيل حفظ الموفق القرآن منذ صغره، وسمع الحديث من والده قبل الهجرة وبعدها، وحفظ مختصر الخرقي في الفقه، ورحل إلى بغداد سنة (٥٦١ هـ)، وله عشرون سنة.

وظهر بالشيخ أبي عمر والشيخ الموفق منذ ذلك الوقت وقبله من الصلاح والديانة والجهاد في سبيل الله ضد الصليبيين والأحوال الزَّكية ما جعل لهم القبول في الأرض، حتى قال فيهم سبط ابن الجوزي مقولته المشهورة: «شاهدت من الشيخ أبي عمر وأخيه الموفق ونسيبهم العماد ابن إبراهيم بن علي المقدسي ما نرويه عن الصحابة والأولياء الأفراد، فأنساني أهلي وأوطاني، ثم عدت إليهم على نية الإقامة، عسى أن أكون منهم في دار المقامة» (١).

وكذلك الحال في أختيهما رابعة زوجة الحافظ عبد الغني المقدسي، ورقية والدة الحافظ الضياء المقدسي (ت ٦٤٣ هـ) اللتين اشتَهَرتا بالصلاح والديانة، وهذا مما يدل على أن الموفق نشأ في بيت علم وفضل وصلاح، فرحمهم الله ورضي عنهم.

ثم إن هذا العلم والصلاح انتشر في ذريتهم، وأضاء في عاقبتهم، حتى صار لقب المقادسة وصفًا ملازمًا لهذه الأسرة المباركة العريقة.

وكان من نتائج هذه الهجرة المباركة والصبر الجميل على البلاء المبين أن مكن الله لهم في الأرض، وتوافد الناس عليهم رجالًا وركبانًا وعلى كل ضامرٍ طالبًا للعلم والتعليم يأتيهم من كل فج عميق.

[حقبة زمانه السياسية]

عاش الموفق حقبة أواخر الدولة العباسية، وكانت هذه الفترة مليئة بالتقلبات السياسية، ومنها سقوط دولة الفاطميين في مصر التي أنشئت


(١) مرآة الزمان في تواريخ الأعيان ٤/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>