وابن أخته عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن المقدسي، إلى دمشق في جبل قاسيون (١).
ولما استقر في الجبل لحق بالشيخ أحمد - والد الموفق - أولاده وزوجتاه سعيدة بنت أحمد ابن أبي الفتح أم أولاده السابقين، وسعيدة بنت أحمد بن عبد الله بن عمر بن شبيب، وبنوا في الجبل مسجدًا وبيوتات لهم، وكان الجبل آنذاك موحشًا من اللصوص والسباع.
وفي دمشق تزوج الموفق بابنة عمته مريم بنت أبي بكر بن عبد لله بن سعد، فولد له محمد المكنى بأبي الفضل، وعيسى المكنى بأبي المجد، ويحيى المكنى بأبي العز، وبنتاه صفية وفاطمة، وكانوا جميعًا أهل صلاح وخير، مشهودًا لهم بذلك، وتوفيت زوجته وأولاده جميعًا في حياته، ولم يعقب منهم سوى ابنه عيسى.
وبعد استقرارهم في الجبل توافد الناس عليهم ناهلين مما حباهم الله من العلم، وكان والد الموفق الشيخ أحمد وأبناؤه قد غلب عليهم الصلاح والتقوى فسُمُّوا بالصالحين، وسميت المنطقة بعد ذلك بالصالحية نسبة إلى صلاحهم الذي اشتَهَروا به، حتى قيل:
الصالحية جنةٌ … والصالحون بها أقاموا
فعلى الدِّيار وأهلِها … مني التَّحيةُ والسلامُ
واعتزل والد الموفق في آخر حياته الناس، وآثر التخلي عن أمور الدنيا، تاركًا تصريف شؤون أولاده لابنه أبي عمر.
وبعد وفاة الشيخ أحمد أسس أبو عمر المدرسة العمرية وجامع الحنابلة، حتى صارا قبلة للعلم والعلماء في تدريس المذهب الحنبلي.
(١) قاسيون: هو الجبل المشرف على مدينة دمشق، وفيه عدة مغاور وكهوف. ينظر: معجم البلدان ٤/ ٢٩٥، والقلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية لابن طولون ص ٨٧، وفي ذكر أخبار الصالحية الآتية في الكتاب استفدت من قرائتي للمصدر الأخير.