للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لا معنى لذلك ههنا، إذ ليس من المتبايعين افتراقٌ بقولٍ ولا اعتقاد، إنما حصل منهما اتفاق على البيع.

ثم يُبطِل فائدة الحديث إذ قد عُلم أنهما قبل انعقاد العقد بالخيار في إنشاء العقد وإتمامه، ثم يَردُّه قول النبي : «إذا تبايع الرجلان فكلُّ واحدٍ منهما بالخيار» (١)، وقوله: «وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع» (٢).

ويدفعه قول ابن عمر بفعله (٣)، وتفسير أبي بَرْزَة بقوله على مثل قولنا (٤)، وهما راويا الحديث، فإن ابن عمر كان يمشي خَطواتٍ حتى يَلزَم البيع إذا أراد لزومَه. (٥)


(١) سبق تخريجه قريبًا من حديث ابن عمر .
(٢) ذات المصدر السابق.
(٣) في صحيح البخاري (٢٠٠١) ٢/ ٧٤٢، وصحيح مسلم (١٥٣١) ٣/ ١١٦٣، ولفظ البخاري من حديث ابن عمر عن النبي قال: «إن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا، أو يكون البيع خيارًا، قال نافع: وكان ابن عمر إذا اشترى شيئًا يعجبه فارق صاحبه».
(٤) أخرجه أحمد في مسنده (١٩٨٢٦) ٤/ ٤٢٥، وأبو داود في سننه (٣٤٥٧) ٣/ ٢٧٣، وابن ماجه في سننه (٢١٨٢) ٢/ ٧٣٦، ولفظه عند أبي داود: «عن أبي الوضيء قال: غزونا غزوةً لنا، فنزلنا منزلًا فباع صاحب لنا فرسًا بغلامٍ، ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما، فلما أصبحا من الغد حضر الرَّحيل، فقام إلى فرسه يسرجه فندم، فأتى الرجلَ وأخذه بالبيع، فأبى الرجل أن يدفعه إليه، فقال: بيني وبينك أبو برزة صاحب النبي ، فأتيا أبا بَرزة في ناحية العسكر فقالا له هذه القصة، فقال: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله : قال رسول الله : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، قال هشام بن حسان: حَدَّثَ جميلٌ أنه قال: ما أراكما افترقتما»، قال البيهقي في سننه الصغرى ٢/ ٢٤١: «وحمله أبو برزة على التفرق بالأبدان».
(٥) ما قرره المصنف من ثبوت خيار المجلس هو المذهب وعليه الأكثر، وقال في الإنصاف ١١/ ٢٦٨: «وفي طريقة بعض الأصحاب روايةٌ لا يثبت خيار المجلس في بيع وعقد معاوضة». وقرر الحنفية والمالكية عدم ثبوت خيار المجلس. ينظر: شرح فتح القدير ٦/ ٢٥٨، وبدائع الصنائع للكاساني ٥/ ٢٢٨، والمبسوط للسرخسي ١٣/ ١٥٦، والمدونة الكبرى ١٠/ ٢٠، والذخيرة للقرافي ٥/ ٢٠، والتاج والإكليل ٤/ ٤٠٩.
وقرر الشافعية والحنابلة ثبوت خيار المجلس للمتعاقدين. ينظر: المجموع شرح المهذب للنووي ٩/ ١٥٠ وما بعدها، والحاوي الكبير للماوردي ٥/ ٢٢، والشرح الكبير للرافعي ٤/ ١٧٠، والمغني لابن قدامة ٤/ ٥، والفروع ٦/ ٢١٢، والإنصاف ١١/ ٢٦٨، وكشاف القناع ٧/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>