للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به من التَّضييق على أهل المِصْرِ، وغلاء أسعارهم، ولهذا قال : «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» (١).

ولا يحصل الضَّرَرُ إلا باجتماع الشروط الخمسة:

أحدها: أن يحضر البادي لبيع سلعته، فأما إن جاء بها ليأكلها أو يخزنها أو يُهديها فليس في بيع الحاضر له تضييقٌ بل فيه توسِعةٌ.

والثاني: أن يحضر لبيعها بسعر يومها، فأما إن أحضرها وفي نفسه أن لا يبيعها رخيصة فليس في بيعه له تضييقٌ.

والثالث: أن يقصده الحاضرُ، فإن كان هو القاصدَ للحاضرِ جاز؛ لأن التَّضييق حصل منه لا من الحاضر، فأشبه ما لو امتنع هو من بيعها إلا بسعرٍ غالٍ.

والرابع: أن يكون جاهلًا بسعرها، فإن كان عالمًا بسعرها لم يحصل التوسعة بتركه يبيعها؛ لأنه لا يبيعها إلا بسعرها ظاهرًا.

والخامس: أن يكون بالناس حاجةٌ إلى سلعته كالأقوات ونحوها؛ لأن ذلك هو الذى يعم الضَّرَر بغُلوِّ سِعره. (٢)

[١٤٤٨/ ٤٤] مسألة: (وأما شراؤه له فيصِحُّ راويةً واحدةً)؛ لأن النَّهي غير متناول للشراء بلفظه، ولا هو في معناه، فإن النهي عن البيع للرفق بأهل الحضر ليتسع عليهم السعر ويزول عنهم الضَّرَرُ، وليس ذلك في الشراء لهم، إذ لا يتضررون بعدم الغبن للبادين، بل هو دَفْعٌ للضَّرَرِ عنهم، والخلق في نظر الشارع على السَّواء، وكما شُرع ما يَدفَع الضَّرَرَ


(١) سبق تخريجه في المسألة السابقة.
(٢) قال في الإنصاف ١١/ ١٨٦: «فاجتماع هذه الشروط يحرم البيع ويبطله على المذهب كما تقدم، فإن اختل منها شرطٌ صح البيع على الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، ولم يذكر الإمام أحمد في الشروط أن يكون بالمسلمين حاجة إليها».

<<  <  ج: ص:  >  >>