للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعلم أنه رَدَّهم إلى ما تعارفوه بينهم بيعًا كما رَدَّهم إلى العُرف في القبض والإحراز، والناس في أسواقهم وبياعاتهم على ذلك، ولم ينقل عن النبي ولا أصحابه استعمال إيجابٍ وقَبول في [بياعاتهم] (١) ولو استعملوا ذلك في جميع [بياعاتهم] لنقل نقلًا سائغاً، ولأن البيع مما تَعمُّ به البَلوى، فلو اشترط له الإيجاب والقبول لبَيَّنَه النبي بيانًا عامًّا ولم يَخفَ حكمه؛ لأنه يُفْضي إلى وقوع العقود الفاسدة كثيرًا، وأكلهم المال بالباطل، ولم يُنْقَل بيان ذلك عن النبي ولا عن أحدٍ من الصحابة عَلمناه، فدَلَّ على ما ذكرناه.

وكذلك الحكم في الهدية والهبة والصدقة؛ لأنها في معنى البيع، وقد أُهدي إلى النبي من الحبشة وغيرها (٢)، وكان الناس يتَحرَّون بهداياهم يوم عائشة متفق عليه (٣)، وروى البخاري عن أبي هريرة : «أن النبي كان إذا أتي بطعامٍ، فإن قيل صدقةً، قال: كلوا، وإن قيل هديةٌ، ضَرَبَ بيده فأكل معهم» (٤)، ولم ينقل في ذلك إيجابٌ ولا قبول، وليس إلا المُعاطاة والتَّفَرق عن تراضٍ فدلَّ على صحته،


(١) في نسخة المخطوط (تباعاتهم)، والصواب ما أثبت كما في المغني ٤/ ٤، والشرح الكبير ١١/ ١٣، وكلمة بياعاتهم التي قبلها جاءت بلا تنقيط في نسخة المخطوط.
(٢) الإهداء للنبي من الحبشة ورد أنه من النجاشي، أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي (٢٣٠٣١) ٥/ ٣٥٢، وأبو داود في سننه (١٥٥) ١/ ٣٩، والترمذي في جامعه (٢٨٢٠) وابن ماجه في سننه (٥٤٩) ١/ ١٨٢، وقال الترمذي: «حديث حسن». وأما الإهداء من غيرها فمنها ما أخرجه البخاري في صحيحه (٥٤٧٣) ٥/ ٢١٨٩ من حديث سهل بن سعد قال: جاءت امرأةٌ ببردةٍ، قالت: يا رسول الله، إني نسجت هذه بيدي أكسوكَها، فأخذها رسول الله محتاجًا إليها، فخرج إلينا وإنها لإزاره.
(٣) صحيح البخاري (٢٤٣٥) ٢/ ٩١٠، وصحيح مسلم (٢٤٤١) ٤/ ١٨٩١.
(٤) صحيح البخاري (٢٤٣٧) ٢/ ٩١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>