للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء أمسكها، وإن شاء رَدَّها وَرَدَّ معها صاعًا من تمرٍ» رواه مسلم (١).

فهذه الثلاثة قدَّرَها الشرع لمعرفة التَّصرِيةِ، فإنه لا يعرف قبل مُضِيِّها؛ لأنه قد يجوز أن يختلف لبنها لتغير المكان واختلاف العَلَفِ، فإذا مضت الثلاثة استبان ذلك وثبت له الخيار على الفور، ولا يثبت قبل انقضائها.

وقال أبو الخطاب: «متى ثبتت التَّصرِية جاز له الرَّدُّ قبل الثلاث وبعدها» (٢)؛ لأنه عَلِمَ سَبَبَ الرَّدِّ فمَلكه كما لو علم العيب، غير أنه لا يظهر لتقدير مدة الخيار بالثلاث فائدةٌ على هذا القول.

وظاهر قول ابن أبي موسى أنه متى علم التَّصريَةَ ثبت له الخيار في الأيام الثلاثة إلى تمامها (٣)، وهو ظاهر حديث أبي هريرة عن النبي (٤). (٥)

[١٤٧٩/ ٢١] مسألة: (وإن صار لبنها عادةً لم يكن له الرَّدُّ في قياس قوله: «إذا اشترى أمةً مزوجةً فطلقها الزوج لم يملك الرَّدَّ» (٦)؛ لأن الرَّدَّ جُعل لدفع الضَّرَر بالعيب، وقد زال فامتنع ثبوت الرَّدِّ.


(١) صحيح مسلم (١٥٢٤) ٣/ ١١٥٨.
(٢) الهداية ص ٢٤٧.
(٣) الإرشاد ص ١٩٩.
(٤) سبق تخريجه قريبًا.
(٥) ما قرره المصنف هو الصحيح من المذهب من أن التصرية تثبت بعد العلم بها، وقيده في الفروع والإنصاف والكشاف بقوله: «ويخير ثلاثة أيام منذ علم»، قال في الإنصاف ١١/ ٣٦٠: «والفرق بين هذا وبين قول القاضي أن الخيرة على قول القاضي تكون بعد الأيام الثلاثة، وتكون على هذا على الفور، وعلى المذهب تكون الخيرة في الأيام الثلاثة». ينظر: الكافي ٣/ ١١٧، والفروع ٦/ ٢٢٧، والإنصاف ١١/ ٣٥٩، وكشاف القناع ٧/ ٤٤١.
(٦) وهي في مسائل أبي داود عن الإمام أحمد ص ٢٣٤، ونصها: «سئل عن رجل اشترى جاريةً لها زوج لم يدخل بها، فطلقها حين اشتراها، أيطؤها الرجل؟ قال: هذه حيلة وضعها أصحاب الرأي، لا بد من أن يستبرئها».

<<  <  ج: ص:  >  >>