للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدو» (١).

وقال الحافظ الضياء أيضًا: «وسمعت البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم يقول: لم أر فيمن خالطت أجملَ منه ولا أكثر احتمالًا، وكان متواضعًا، يقعد إليه المساكين ويسمع كلامهم ويقضي حوائجهم ويعطيهم، وكان حسن الأخلاق، لا نكاد نراه إلا مبتسمًا، يحكي الحكايات لجلسائه ويخدمهم، ويمزح ولا يقول إلا حقًّا» (٢).

وبعد ذلك أقول: لا شك أن من اجتمعت فيه هذا الصفات الحسنة، والمكارم الفاضلة، والمعاشرة الجميلة، مع القوة في الحجة والبرهان، والشجاعة في الجهاد بالميدان، قد اجتمعت لديه خصال أولياء الله الصالحين، ولا غرو بعد ذلك كله في إدراك معنى قول سبط ابن الجوزي: «من رآه كأنما رأى بعض الصحابة».

ومن خلال قراءة ترجمة الموفق في حياته الشخصية يمكن تلخيص أسباب نيل الموفق هذا التوفيق الرباني بأمور أذكرها تذكيرًا وتنبيهًا على اختصار إذ الشواهد والدلائل عليها ظاهرة ومستفيظة:

فمنها: الحرص على إخفاء العمل وعدم إظهاره والتباهي به.

ومنها: الخلوة بين العبد وبين ربه ذكرًا ومناجاةً ودعاءً وتفكرًا.

ومنها: العناية بورد القرآن والاستزادة به.

ومنها: مخاطبة الناس بالحسنى، والسعي في حاجاتهم، وأولاها تعليمهم وتدريسهم.

ومنها: كسر النفس، وبذل مهجتها لله، ومخالفة الهوى، والصبر على ذلك.

ومنها: الحرص على اتباع السنة وروم صحة الاعتقاد، والسير على منهاج السلف في أخذ العلم وفهمه والعمل به.


(١) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٧١.
(٢) تاريخ الإسلام ١٣/ ٦٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>