للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال لرجلٍ محرمٍ قد رفع ثوبًا على عود يستتر به من الشمس: «[اضحَ] (١) لمن أحرمت له»، أي: ابْرُز للشمس، رواهما الأثرم (٢)، ولأنه يقصد به الترفه فكره لذلك. (٣)

ولم يكره أحمد الاستتار بالثوبِ ونحوه؛ لأنه لا يقصد للاستدامة بخلاف المحمل (٤)، ولما روت أم الحصين (٥) قالت:


(١) حاشية: روي أن ابن عمر رأى رجلًا جعل ظلاله على مَحمله فقال: «أضحِ لمن أحرمت له»، يعني أبرز إلى الضحى، قال الرياشي: رأيت أحمد بن المعدّل في يومٍ شديد الحرِّ، فقلت له: يا أبا الفضيل هلا استظللت؟ فإن في ذلك توسعة للاختلاف فيه، فأنشد:
ضَحيتُ له كي أستظل بظله … إذا الظِّل أضحى في القيامة قالصا
فوا أسفا إن كان سعيك باطلًا … ووا حسرةً إن كان أجرك ناقصًا
قال صاحب الأفعال: ضحيت وضحوت ضحيًا وضحوًا برزت للشمس، وضحت ضحاءً أصابتني الشمس، قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى﴾.
قلت: في نسخة المخطوط (أضح) وعلى الألف كسرة وفي الحاشية كذلك كسرة على الحاء بلا همزة على الألف وكلاهما بمعنى واحد، والصواب فيها ما أثبت في الصلب، قال الخطابي في إصلاح غلط المحدثين ص ٥٢: «ما يرويه كثير من المحدثين (أضح) غلط، والصواب: اضحَ، أي ابرز للشمس، وأما أضحِ فهو من أضحى»، كذا قرره أبو عبيد القاسم بن سلام ونقله عن الأصمعي في غريب الحديث ٤/ ٢٤٤.
(٢) لم أجدهما في المطبوع من سنن الأثرم، والأثر الأول: أخرجه البيهقي في سننه الكبرى ٥/ ٧٠، وصححه الألباني في إرواء الغليل ٤/ ٢٠١.
والأثر الثاني: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٣/ ٢٨٥، والبيهقي في سننه الكبرى ٥/ ٧٠، وقد استدل به الإمام أحمد في رواية ابنه صالح ص ١٦١، وصححه الألباني في إرواء الغليل ٤/ ٢٠٠.
(٣) ما قرره المصنف في الرواية الأولى هو الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الحنابلة، وعلى الرواية الثانية هو مكروه بلا فدية، والرواية الثالثة: يجوز من غير الكراهة. ينظر: الكافي ٢/ ٣٥٦، وشرح العمدة ٤/ ٥٠٠، والفروع ٥/ ٤١٤، والإنصاف ٨/ ٢٣٦، وكشاف القناع ٦/ ١٢٥.
(٤) بنحوها في مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص ٢٠٥.
(٥) أم الحصين هي: بنت إسحاق الأحمسية، صحابية، شهدت حجة الوداع، روى عنها: العيزار بن حريث ويحيى بن حصين، روى لها الجماعة سوى البخاري. ينظر: الاستيعاب ٤/ ١٩٣١، وتهذيب الكمال ٣٥/ ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>