للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الثلاثة: فوقت الاستحباب لها أن يصومها ما بين الإحرام بالحج ويوم النحر، لقوله سبحانه: ﴿فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٦]، وقال ابن عمر وعائشة : «يصومهن ما بين إهلاله بالحج ويوم عرفة» (١) (٢).

فإن لم يحرم إلا يوم التروية صام ثلاثة أيام آخرها يوم عرفة.

وصوم يوم عرفة غير مستحب (٣) وإنما أحببناه ههنا لموضع الحاجة، ولأنه واجبٌ. (٤)


(١) أخرجه مالك في موطئه عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة ، ونصه أنها كانت تقول: «الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم يجد هديًا ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة فإن لم يصم صام أيام مِنًى»، وأثر ابن عمر مثله بإسناد مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه، وهو مخرج أيضًا عند البخاري في صحيحه من طريق مالك بالإسناد السابق (١٨٩٥) ٢/ ٧٠٣.
(٢) ما استدل به المصنف في أثر ابن عمر وعائشة يظهر أنه إشارة إلى قول ثان في المذهب، وهي الرواية الثانية التي ستأتي في الحاشية التالية، ولم يرد به الاستدلال على ما قرره، ودليل ذلك أن الاستدلال بالأثرين فيما وقفت عليه من كتب المذهب لبيان المستحب أن يكون آخر ما يصومه من لم يجد الهدي هو يوم التروية، ومنهم المصنف، ولذلك قال في معرض الاحتجاج لقوله: «وصوم يوم عرفة غير مستحب، وإنما أحببناه ههنا لموضع الحاجة، ولأنه واجب»، ولم يذكر استدلاله بالأثر، كما استدل به في الشق المتعلق بصيام أيام التشريق كما في المسألة الآتية، ولم يشكل على ما ذكرته إلا قول القاضي في التعليقة ١/ ٣٠١ واستدلاله بالأثرين على ما اختاره بأن آخره هو يوم عرفة، والأثر لا يدل على ذلك إذ الأصل عدم دخول الغاية في المغيا، كما أن في بعض ألفاظ الأثر في مسند الشافعي ص ١٣٣ نصًّا في عدم إرادة عرفة بالصيام والله أعلم. ينظر: التعليقة الكبيرة الجزء الرابع ١/ ٣٠١، والمغني ٣/ ٢٤٨، والفروع ٥/ ٣٥٩، والمبدع ٣/ ١٧٥، والإنصاف والشرح الكبير ٨/ ٣٩١.
(٣) سبق تقريره في المسألة [٩٣٨/ ٥].
(٤) ما قرره المصنف من أن المستحب للمتمتع في صيام الثلاثة أيام أن يصومها ما بين الإحرام بالحج ويوم النحر فيكون آخرها يوم عرفة هو المذهب في إحدى الروايتين، قال في شرح العمدة: «وهي التي عليها عامة أصحابه»، والرواية الثانية: أن المستحب أن يكون آخرها يوم التروية، وقيل: إن الرواية الأخيرة ذكرها القاضي في المجرد - وهي من كتبه القديمة - وأخذها من ظاهر أثر ابن عمر وعائشة ، فلا يستحب عنده للمحرم صيام يوم عرفة، وتراجع عن قوله هذا بدليل عدم ذكر الرواية في التعليقة والله أعلم. ينظر: التعليقة الكبيرة الجزء الرابع ١/ ٣٠١، والمغني ٣/ ٢٤٨، وشرح العمدة ٥/ ٦٦، والفروع ٥/ ٣٥٩، والإنصاف والشرح الكبير ٨/ ٣٩١، وكشاف القناع ٦/ ١٨٥.
فائدة: قال في الإنصاف ٨/ ٣٩١: «فعلى المذهب يقدم الإحرام على يوم التروية، فيحرم يوم السابع، وعلى الرواية الثانية يحرم يوم السادس، قلت: فيكون مستثنًى من قولهم يستحب للمتمتع الذي حل الإحرام منه بالحج يوم التروية».

<<  <  ج: ص:  >  >>