للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسبل الجائرة عن الحق، العادلة عنه، هي طرق أهل البدع والضلالات، الحائدين عن الصراط المستقيم (١)؛ وكفى بالجائر أن يحذر منه، بدليل سياق الآية الدلالة على التحذير والنهي (٢).

وقد أوضحت هذه الآية الأمر بالتوسط في باب الأمر والاتباع؛ فأتت بالنهي عن الغلو والجفاء والإفراط والتفريط، والأمر باتباع الطريق المستقيم.

ومذهب أهل السنة والجماعة وسط في كل مسائل الدين؛ فهم كما قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "وسط في النحل، كما أن ملة الإسلام وسط في الملل" (٣).

وبمزيد من التدبر والتأمل في آيات الوسطية نجد أنها عندما سَلطتْ الضوء على معنى الوسطية، لم تقف عند هذا القدر، فليس هذا هو كل ما ترمي إليه الآيات الكريمات، بل إنها كما أرادت أن تعطينا هذا الحكم فهي تريد في الوقت نفسه أن تلفتنا إلى وجه حجتها وطرق برهنتها على معانيها، وهذا ما سنجده في المطلب التالي، بإذن الله تعالى.


(١) وليس المراد سبل المعاصي; لأن المعاصي من حيث هي معاص لم يضعها أحد طريقاً تسلك دائماً على مضاهاة التشريع، وإنما هذا الوصف خاص بالبدع المحدثات؛ لأن متعلق البدعة هو الاستدراك على الشريعة ونسبة النقص لها واتهام النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدم إكمالها.
ينظر: شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٧٩٩).
(٢) ينظر: الاعتصام للشاطبي (١/ ٨٤)، وشرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٧٩٩).
(٣) الوصية الكبرى (ص ١٢).

<<  <   >  >>