[المطلب الأول: دراسة تحليلية لبعض الآيات الرادة على البدع المتقابلة المتعلقة بتوحيد الربوبية.]
المتأمل يجد أن النصوص الشرعية تضافرت على الأمر بالاعتصام بالكتاب والسنة واتباع السلف الصالح، وذم من حاد عن منهج الوسطية، من أهل البدع المتقابلة.
فاجتمع لنا من الأدلة ما ينهض بحقيقة عقيدة أهل السنة والجماعة في توحيد الربوبية واطراح ما عداها من البدع المتقابلة؛ ولا شك أن المنحرفين في توحيد الربوبية كانوا على طرائق مختلفة في الكفر (١).
وقد آثرت الاقتصار على دراسة ثلاث آيات مختارة دراسةً تفصيلية، ثم اتبعت ذلك بالإشارة إلى باقي الآيات؛ بهدف عدم إثقال كاهل الرسالة؛ لأن المراد هو بيان رد الآيات، وليس المقصود تقصي كل ذلك، وفيما يلي بعض الآيات الرادة على البدع المتقابلة في توحيد الربوبية:
الآية الأولى:
قال تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)} مريم: ٦٥، نجد أن هذه الآية تردُ على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:
- أولاً: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط.
في هذه الآية رد على الملاحدة -من الدهرية والفلاسفة- المنكرين لوجود الخالق بقوله:{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا}؛ فخلقه سبحانه وتعالى للسماوات والأرض، وتفرده بذلك، وكونهما على أحسن نظام وأكمله، ليس فيه غفلة ولا إهمال، ولا يمكن أن يحدث بنفسه، دليلٌ وبرهان قاطع على وجود الخالق وهو: الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، ولا يملك أحد أن يهرب من الاعتراف لخالقه بالقدرة المطلقة والربوبية الحقة.