للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيمان يقين، تحسم القضية في حسه حسماً كاملاً، تستقر الأمور له، فكل نعيم الدنيا لا يقاس إلى نعيم الآخرة، ولا يساوي من جهة أخرى غمسة واحدة في العذاب من أجله، وكل عذاب في الدنيا -في سبيل الله- لا يقاس إلى عذاب الآخرة، ولا يوازي من جهة أخرى غمسة واحدة من أجله في النعيم (١).

كما أن الإيمان باليوم الآخر فيه تسلية للمؤمن عمّا يفوته من نعيم الدنيا ومتاعها بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها (٢).

o خامساً: تماسك المجتمع واستقراره:

الإيمان بالبعث بعد الموت يحفظ للمجتمع استقراره، فلو لم يكن هناك بعث ولا حساب ولا عقاب، لما كان هناك ما يدعو إلى المحافظة على قيم المجتمع وأخلاقياته، ولما كان هناك داع إلى أداء الواجبات وغير ذلك.

فالإيمان باليوم الآخر وما يتبعه من أحداث يثبت النظام في الدولة، ويهذب السلوك الإنساني، ويقوم الأفعال الشاذة، فالمؤمن به لا يحتاج إلى قوة -كالشرطة-تدفعه إلى المحافظة على القانون-؛ لأن الإيمان باليوم الآخر يدفعه إلى التزام الحق وتحري العدل، وأقرب مثال على ذلك: المؤمنون في الوقت الحاضر، فالمؤمن الحق لا يشرب خمراً، رغم أن كثيراً من الدول لا تعاقب على شربه، وكذا الزنا وغيره من المحرمات لا يرتكبه المؤمن، فما الذي دفع المؤمن إلى التمسك بهذا سوى الإيمان باليوم الآخر.

وفوق ذلك فإن الإيمان باليوم الآخر هو الباعث الأكبر على الجهاد في سبيل الله، وعلى التطوع بأعمال الخير .. وكلاهما أمر عميق الغور في بنية المجتمع المسلم، وتلك هي الوسطية، بمعنى الخيرية الكامنة في الإيمان باليوم الآخر (٣).

فالإيمان بعقيدة البعث والجزاء الأخروي هو الباعث الحقيقي لاستمرار الحياة نحو هدفها السامي وغايتها المثلى.


(١) ينظر: القصد والوسطية في ضوء السنة النبوية (ص ٣٣٦).
(٢) عقيدة أهل السنة والجماعة للعثيمين (ص ٣٣).
(٣) ينظر: القصد والوسطية في ضوء السنة النبوية (ص ٣٣٧).

<<  <   >  >>