(٢) من الملفت للنظر أن اليهود حتى في فترات إيمانهم باليوم الآخر والجنة والنار والحساب والعقاب لم يكن هذا الإيمان سالماً عند أكثرهم، بل كان مشوهاً ومنحرفاً حيث ظنوا أن الجنة لن يدخلها إلا اليهود، وأن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودات، وأما غيرهم من البشر فمصيره النار، كما حكى الله عنهم وكشف انحرافهم في قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٨١)} البقرة: ٨٠ - ٨١. (٣) ذكر الله عنهم أنهم قالوا: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)} آل عمران: ٢٤. (٤) عن مسروق، قال: سمعت خباباً، قال: جئت العاصي بن وائل السهمي أتقاضاه حقاً لي عنده فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا؛ حتى تموت ثم تبعث، قال: وإني لميت ثم مبعوث؟ قلت: نعم، قال: إن لي هناك مالاً وولداً فأقضيكه، فنزل قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧)} مريم: ٧٧.
أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧)}، برقم (٤٤٥٥)، ومسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب سؤال اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الروح، برقم (٢٧٩٥). (٥) ينظر: المقولات التي أبطلها القرآن ومنهجه في إبطالها (ص ٣٤١) وما بعدها.