للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول ما جاء في البدع المتقابلة في توحيد الألوهية.]

[تمهيد]

لما كان توحيد الألوهية هو أحد أنواع التوحيد الثلاثة، وهو الذي افترضه الله على عباده، كان لا بد لهذا التوحيد من مظاهر إيجابية تترتب على الفهم الصحيح له (١)، وأخرى سلبية ترتبت على الخطأ في فهم حدوده وأصوله، لذلك يرجع الانحراف في توحيد الألوهية إلى سببين رئيسين هما:

١ - الخطأ في تصور التوحيد الذي أرسل لأجله الرسل، وأنزلت من أجله الكتب، وطُلبَ من العباد تحقيقه (٢).

٢ - الخطأ في تصور حقيقة الرب وحقيقة الإله ومدلول الكلمتين، ومن ثم جعلهما شيئاً واحداً (٣).

ومن أجل هذا فقد انقسم الناس إلى طرفين متقابلين، طرف انتهج الغلو والإفراط والزيادة! ! وطرف سلك طريق التقصير والتفريط والنقصان! وبيان ذلك في المطلبين الآتيين.


(١) لذلك نجد اهتمام السلف بهذا النوع من التوحيد، واعتناؤهم به فهماً نظرياً وتطبيقياً عملياً، فكانت حياتهم كلها مظهراً من مظاهر القيام بحق العبودية لله، فكان حظ الغلاة والجفاة من التوحيد بقدر قربهم من منهج السلف وبعدهم عنه.
(٢) نماذج هذا الخطأ سيأتي بيانها في المطالب التالية.
(٣) إن الرب والإله كلمتان متغايرتان في اللغة، وفي مفهوم السلف، وفي لغة القرآن والسنة، وإن كان المقصود بهما واحد عند الجميع وهو الله سبحانه. ولكن بينهما فروق من حيث المعنى، ومن حيث اعتراف أغلب الناس بالأول دون الثاني، لما اعتقدوه من أن معنى الإله هو الفاعل، والألوهية هي القدرة على الفعل أو الربوبية، وجعلوا ألوهيته للعباد هي عين ربوبيته لهم، من أجل ذلك نلحظ الانحراف عن فهم (لا إله إلا الله)، وانحسار مفهومها في معان ضيّقة ومدلولات محدودة!
ينظر: القرقان بين الحق والباطل عن مجموعة الرسائل الكبرى (١/ ١٥٢ - ١٥٣)، منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير عقيدة التوحيد للبريكان (٢/ ٦٢٦).

<<  <   >  >>