للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أنكر السنة وأظهر تعظيم القرآن الكريم فقط، فبينت الآية أن الكتاب والسنة لا ينفصلان، بل هما شيء واحد في الحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. كما أن في قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ}، رد على من آمنوا بالكتاب وعرفوا أنه من عند الله، فلم يكن اختلافهم عن جهل منهم به، بل كان اختلافهم فيه، وخلاف حكمه -مع زعمهم لتعظيمه-، وإن كانت الآية نزلت في اليهود إلا أن هذا هو ما يشاهد من تعظيم بعض الفرق الإسلامية للقرآن كالخوارج وأضرابهم، لكن اختلافهم في فهمه كان سبباً في التكفير واستباحة الدماء {بَغْيًا بَيْنَهُمْ}.

فكانت هذه الآية رادة على بدعة الاكتفاء بالقرآن دون السنة بزعم تعظيمه.

- ثالثاً: المأخذ الذي انطلقت منه هاتان الطائفتان.

المأخذ الذي انطلقت منه هاتان الطائفتان هو: اعتمادهم على العقل بعيدا عن نور الشرع، فآل بقوم منهم إلى التفريط في الإيمان بالكتب وأنها ليست كلام الله - عز وجل -، وآل بآخرين إلى فهم نصوص الكتب المنزلة بعقولهم المجردة.

- رابعا: أثر اجتماع الرد على البدع المتقابلة في موطن واحد.

أتت هذه الآية الكريمة للدلالة على أن المذهب الحق ليس ما ذهب إليه أصحاب الغلو والجفاء، بل هو ما ذهب إليه السلف -رضوان الله عليهم-، ومن تبعهم من أهل السنة والجماعة؛ كما قال تعالى: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣)}.

<<  <   >  >>