للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخلود أرباب الكبائر في النار (١)، فحكموا بأن صاحب الكبيرة ليس معه شيء من الإيمان، ومن ثم حكموا بكفره وخلوده في النار.

ثم اختلفوا عليهم بعض فرقهم في معنى هذا الكفر وبعض لوازم هذا القول، فوافقتهم المعتزلة على هذا، لكن لما رأوا أن التسوية في الحكم بين الكافر والمرتد، وبين الزاني والسارق والشارب يستبعده العقل والشرع -حيث فرق الله بين حكم كل من هذين في الدنيا والآخرة-، اكتفوا بإزالة اسم الإيمان عنه ولم يدخلوه في مسمى الكفر، فابتدعوا ما أسموه (المنزلة بين المنزلتين)، أما في المآل والعاقبة، فهم والخوارج سواء (٢).

[٢ - تكفير بعض الصحابة - رضي الله عنهم -]

اعتقدوا تكفير بعض الصحابة كأهل التحكيم - عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري وكل من رضي بالتحكيم-، وتكفير أصحاب الجمل بمن فيهم عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها -.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: " والخوارج والمعتزلة يقولون: إن صاحب الكبيرة يخلد في النار، ثم إنهم قد يتوهمون في بعض الأخيار أنه من أهل الكبائر، كما تتوهم الخوارج في عثمان وعليّ وأتباعهما أنهم مخلدون في النار ... ويبنون مذاهبهم على مقدمتين باطلتين:

إحداهما: أن فلاناً من أهل الكبائر. والثانية: أن كل صاحب كبيرة يخلد في النار.

وكلا القولين باطل، وأما الثاني فباطل على الإطلاق، وأما الأول فقد يعلم بطلانه، وقد يتوقف فيه" (٣).

[٣ - إنكارهم لحجية السنة، وتعطيلهم لبعض الأحكام الشرعية]

لقد خالفت الوعيدية ما عليه المسلمون من التمسك والاحتجاج التام بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ففي الوقت الذي أظهروا فيه التمسك الشديد بظاهر القرآن الكريم، أغفلوا التمسك بالحديث النبوي حتى المتواتر منه، وردوا ما خالف ظاهر القرآن عندهم! ، إما معتلين في ذلك بكونها أخبار آحاد لا تفيد اليقين، وإما بتعطيلها عن دلالتها بتسليط التأويل


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٣٥٣).
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٣٥٣) (٧/ ٥١٠).
(٣) مجموع الفتاوى (٤/ ٤٧٥ - ٤٧٦).

<<  <   >  >>