كتاب الآيات القرآنية الواردة في الرد على البدع المتقابلة دراسة عقدية

الفصل الثالث: الآيات الواردة في توحيد الأسماء والصفات. - المبحث الأول ما جاء في البدع المتقابلة في توحيد الأسماء والصفات. - ص: 276

[المبحث الأول ما جاء في البدع المتقابلة في توحيد الأسماء والصفات.]

[تمهيد]

لما كانت النفوس مجبولة على محبة الله - عز وجل - وتعظيمه وعبادته، كانت مفطورة (١) كذلك على أنه أكمل وأجل وأعظم من غيره (٢)، بالإضافة إلى ثبوت معنى الكمال له - عز وجل - في نصوص الشرع، وصريح العقل.

وهكذا مضى عصر الصحابة بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال (٣)، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة، كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم (٤).

ثم اختلف الناس في هذا الباب بعد ائتلاف، وبسقت قرون البدع، ونبتت نوابت فرقة واختلاف، فكانوا طوائف ثلاث:

الأولى: أهل الجفاء، القائلون: بنفي أسماء الله وصفاته وتعطيلها، وبعضهم أثبت الأسماء ونفى الصفات، وأمثلهم أثبت الأسماء وبعض الصفات، ونفى أو أوّل البعض الآخر، وهم طوائف متفاوتة، نفوا جُلّ أو كلّ ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من الصفات بدعوى عدم صحة النصوص، أو بتعطيل المعنى.

الثانية: أهل الغلو، الذين مالوا إلى ضروب من التمثيل والتشبيه، وهم طوائف ما بين مشبه للمخلوق بالخالق، ومشبِّه للخالق بالمخلوق؛ لأن عقولهم ضلت في فهم نصوص

---

(١) الفطرة: هي السلامة من الاعتقادات الباطلة، والقبول للعقائد الصحيحة، ولا يلزم من كون الإنسان مولوداً على الفطرة وهي السلامة، أن يكون معتقدا للحق بتفصيله، فإن الله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئاً، ولكن فطر الخلق على سلامة القلب وخلوه من الباطل، والاستعداد لقبول الحق الذي هو الإسلام، بحيث لو سلم من كل مانع يؤثر فيه، لما قبل إلا الحق.
ينظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٢٤٥، ٢٤٧).
(٢) ينظر: القواعد المثلى (ص ٥٤).
(٣) قال شيخ الإسلام: " وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، وما رووه من الحديث، ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير، فلم أجد -إلى ساعتي هذه- عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئاً من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف". مجموع الفتاوى (٦/ ٣٩٤).
(٤) ينظر: إعلام الموقعين (١/ ٥١ - ٥٢).