للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبارك وتعالى - كما هو مذهب ابن عربي وابن الفارض وفئام من النَّاس لا يُحصيهم إلاَّ الله" (١).

كما أنه "لا حياةَ للقلوب، ولا نعيم ولا لذَّة، ولا سرور ولا أمان ولا طمأنينة، إلاَّ بأن تعرف ربَّها ومعبودَها وفاطرها، بأسمائه وصفاته وأفعاله، ويكون أحبَّ إليْها ممَّا سواه، ويكون سعيها في ما يقرِّبُها إليه ويدْنيها من مرضاته" (٢).

وتحقيق توحيد الأسماء والصفات يثمر للعبد "من أنواع العبوديَّة الظَّاهرة والباطنة بِحسب معرفته وعلمه، وكذلك معرفته بِجلال الله وعظمته وعزّه تُثْمِر له الخضوع والاستِكانة والمحبَّة، وتثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواعًا من العبوديَّة الظاهرة هي موجباتُها، وكذلك علمه بكماله وجَماله وصفاته العلا يوجِب له محبَّة خاصَّة بمنزلة أنواع العبوديَّة، فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى الأسماء والصّفات وارتبطتْ بها ارتباط الخلْق بِها، فخلقه -سبحانَه- وأمره هو موجب أسمائه وصفاته في العالم وآثارها ومقتضاها" (٣).

قال ابن القيم - رحمه الله -: ومشهد الأسماء والصفات من أجل المشاهد، والمطلع على هذا المشهد يعرف: أن الوجود متعلق خلقاً، وأمراً بالأسماء الحسنى، والصفات العلا، ومرتبط بها، وأن كل ما في العالم بما فيه من بعض آثارها ومقتضياتها، فاسمه الحميد المجيد، يمنع ترك الإنسان سدى مهملاً معطلاً، لا يؤمر، ولا يُنهى، ولا يثاب، ولا يعاقب، وكذلك اسمه (الحكيم) يأبى ذلك، وهكذا فكل اسم من أسمائه له موجبات، وله صفات لا ينبغي تعطيلها عن كمالها، ومقتضياتها، والرب تعالى يحب ذاته، وأوصافه، وأسماءه، فهو عفو يحب العفو (٤).


(١) الدرر السنية (١/ ٧٠)، وينظر: عقيدة محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي، لصالح العبود (١/ ٤٧٠).
(٢) الصَّواعق المرسلة (١/ ١٤٧).
(٣) مفتاح دار السعادة (١/ ١٣٧).
(٤) مدارج السالكين (٢/ ٤١٧ - ٤١٩).

<<  <   >  >>