للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: تعريف "البدع المتقابلة".]

سيكون بحثنا هنا في المسائل العقدية، وفي باب منها هو: باب البدع، فبناء على ما سبق (١): يكون اختيار التعريف المناسب لهذا اللفظ المركب "البدع المتقابلة"، أنها: (تقابل من جهة الاستدلال العقدي على سبيل الممانعة الصورية لدى المبتدعة ينتج عنه الإفراط والتفريط)؛ لأن تعريفها بهذه الطريقة فيه حصر -والله أعلم-؛ والآتي شرح للتعريف:

فقول: (تقابل) جنس في التعريف يدخل فيه كل تقابل لأي شيئين أو أكثر.

وقول: (الاستدلال): قيد يبين أن التقابل إنما يكون بين الدليلين (٢) وعمومه يشمل القطعي والظني من الأدلة. وكذلك التقابل في طريقة الاستدلال العقلي.

وقول: (العقدي): قيد يبين أن التقابل إنما يكون في المسائل العقدية فيخرج به التعارض بين غير العقدية.

وقول: (على سبيل الممانعة) أي أن التقابل بين المسائل العقدية إنما يكون على وجه مخالفة أحدهما للآخر. والتقابل يلزم منه التدافع والتمانع؛ لأن الدليلين إذا تقابلا على محل واحد في وقت واحد وأحدهما ينفي ما يثبته الآخر فإنه يلزم من ذلك أن يدفع كل منهما الآخر، ويمنعه فيتدافعان ويتمانعان بعد تقابلهما فيكون التدافع والتمانع لازمان للتقابل (٣).

وقول: (الصورية لدى المبتدعة) أي: من وجهة نظر المجتهد؛ لأنه لا يوجد تعارض حقيقي بين الأدلة الصحيحة عند أهل السنة والجماعة، بل يوجد عند المخالفين لهم ممن نحى منحى الإفراط أو التفريط.

أما قول: (ما ينتج الإفراط والتفريط) أي: ينتج عن الخروج عن المنهج الحق الإفراط في أمر ما: وهو تجاوز الحد فيه، أو التفريط فيه: وهو التقصير به عن رتبته التي هي له (٤).


(١) أي من تعريف مفردة البدع والتقابل.
(٢) القيد ليس للحصر وإنما هو لبيان أقل ما يقع فيه التعارض.
(٣) الشرح الكبير لمختصر الأصول من علم الأصول المؤلف: أبو المنذر محمود بن محمد بن مصطفى بن عبد اللطيف المنياوي (ص ٥٣٧).
(٤) ينظر: مقاييس اللغة لابن فارس (٤/ ٤٩٠)، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني (ص ٣٧٦ - ٣٧٧).

<<  <   >  >>