للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رياضية أو مقولة فلسفية! ! لهذا جاءت أصولها الاعتقادية مجافية تماماً للدين والفطرة والعقل والحقيقة الإنسانية (١).

- رابعاً: الاحتجاج بنصوص الوعد:

احتج المرجئة بنصوص الوعد التي فهموا منها حصول الإيمان لمن جاء بالقول حتى ولو لم يعمل، كما في حديث البطاقة (٢)، وحديث الجارية (٣)، وحديث حذيفة - رضي الله عنه - (٤)،

ونحو ذلك من النصوص والعموميات، التي فهموا منها أنه لا يشترك في الإيمان فعل الواجبات، وأن من وجبت عليه العبادات فتركها، وارتكب المحظورات يستحق اسم الإيمان المطلق، وأولوا لأجل تلك النصوص ما يقابلها من نصوص الوعيد التي فيها نفي الإيمان عمن ارتكب بعض الذنوب (٥).

والنفس البشرية بطبيعتها ترغب الدعة وترك العمل (٦)، وتميل إلى التفلت من أوامر الشرع؛ لذلك انبنى على الاحتجاج بنصوص الوعد، التشريع لممارسة المعاصي وارتكاب الكبائر، وإنكار حد الردة، وترك الجهاد، إلى غير ذلك من الانحرافات.


(١) ينظر: ظاهر الإرجاء في الفكر الإسلامي (١٨٧ - ١٨٨).
(٢) رواه أحمد في مسنده (٢/ ٢١٣) عن عبد الله بن عمرو، والترمذي في كتاب الإيمان باب ما داء فيمن يموت وهو يشهد ألا إله إلا الله برقم (٢٦٣٩)، وقال: "حسن غريب". وابن ماجه في كتاب الزهد باب مايرجى من رحمة الله يوم القيامة برقم (٤٣٠٠)، والحاكم (١/ ٦، ٥٢٩) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(٣) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، برقم (٥٣٧).
(٤) حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة. ويسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها. فقال له صلة: "ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثاً، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة تنجيهم من النار ثلاثاً)، وقد لحقهم ما منع المؤاخذة.

رواه ابن ماجه في سننه، كتاب الفتن، باب ذهاب القرآن والعلم. برقم (٤٠٤٩)، ورواه الحاكم (٤/ ٤٧٣ و ٥٤٥) وقال إسناده صحيح على شرط مسلم، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (٨٧) (١/ ١٢٧).
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٨١)، الدرر السنية (١٠/ ١٣٩، ٣١٨، ٣٢٠، ٣٣٢)، (١٢/ ١١)، (١٣/ ٢٢٥)، وتيسير العزيز الحميد (ص ٥٨).
(٦) ينظر: حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها (ص ٣٤٠).

<<  <   >  >>