(٢) حصل الاعتزال نتيجة النقاش في مسائل عقدية دينية كالحكم على مرتكب الكبيرة، والحديث في القدر، بمعنى هل يقدر العبد على فعله أو لا يقدر، والواقع أن نشأة الاعتزال كانت ثمرة تطور تاريخي لمبادئ فكرية وعقدية وليدة النظر العقلي المجرد في النصوص الدينية وقد نتج ذلك عن التأثر بالفلسفة اليونانية والهندية والعقائد اليهودية والنصرانية. وقد يظن البعض أن المعتزلة قد انقرضوا وبادوا، والحقيقة أنه قد حمل آراءهم ومعتقداتهم كثير من الذين جاءوا من بعدهم، وكثير من المعاصرين، فشيعة العراق على الإطلاق معتزلة، وكذلك شيعة الأقطار الهندية والشامية والبلاد الفارسية، ومثلهم الزيدية في اليمن، فإنهم على مذهب المعتزلة في الأصول، كما عاد فكر الاعتزال من جديد في الوقت الحاضر، على يد بعض الكتاب والمفكرين، الذين يمثلون المدرسة العقلانية الجديدة، وبهذا يعلم أن المعتزلة ليسوا في قلة، فضلاً عن أن يظن أنهم انقرضوا.
ينظر: تاريخ الجهمية والمعتزلة لجمال الدين القاسمي (ص ٥٦)، الشرك في القديم والحديث (٢/ ٨٠٤). (٣) ينظر: الملل والنحل (١/ ١٣٧)، ومجموع الفتاوى (١/ ٣١٤) (١٢/ ٤٨٠) (١٦/ ١٩)، ومنهاج السنة (٣/ ٤٦٩) (٥/ ٢٦٠)، والجواب الصحيح (١/ ٧٤ - ٧٥)، والصواعق المرسلة (٢/ ٤٥٤).