للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني الآيات الرادة على البدع المتقابلة في الإيمان بالملائكة.]

[المطلب الأول: دراسة تحليلية لبعض الآيات الرادة على البدع المتقابلة المتعلقة بالإيمان بالملائكة.]

بين الله - عز وجل - في كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - مسألة الإيمان بالملائكة، بما ينفع الناس، ويدلهم على الصراط المستقيم، ويصحح تصوراتهم، وأفكارهم، ومعتقدهم في قضايا الاعتقاد وغيرها، وهذا ما يعمق الإيمان ويرسخه، ويقي من الوقوعِ في الخرافات والأوهام.

كما بين الله -سبحانه وتعالى- الانحراف الذي وقع فيه الناس تجاه اعتقادهم في الملائكة منذ القِدَم، فهناك من عبدهم، وهناك من ظن: أنهم بنات الله، وهناك من يرى: أنهم هم الأفلاك التي نراها في الفضاء، وبعضهم أنكر وجودها، ومنهم من عادى بعضهم، ووصف الملائكة بأنهم يشربون ويأكلون، إلى غير ذلك من البدع المتقابلة في الإيمان بالملائكة؛ لأن من سمات أهل البدع أنهم لا يوفقون إلى الوسطية، فهم بين الغلو والتقصير.

من أجل هذا جاء القرآن ليبين منهج الوسطية في هذا الركن العظيم، لذا تعددت طرق القرآن الكريم في بيان فساد سلوك المخالفين والتحذير منها، وفيما يلي بعض الآيات الرادة على البدع المتقابلة في الإيمان بالملائكة الكرام:

الآية الأولى:

قوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)} النحل: ٥٠، هذه الآية تردُ على بدعتين متقابلتين في باب الإيمان بالملائكة، وبيان ذلك فيما يلي:

- أولاً: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط.

ردت هذه الآية الكريمة على أهل التفريط والجفاء، الذين عطلوا الملائكة عن أعمالهم: فعطلوا جبريل - عليه السلام - عن أعظم أعماله "الوحي"، وعطلوا حملة العرش عن أعمالهم وغير ذلك -كما هو لازم أقوالهم البدعية-، فأبانت هذه الآية في قولها: {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)} بأن للملائكة أعمالاً يؤدونها عبادة لرب العالمين -كما أمرهم بها- تتصف بغاية الإتقان.

<<  <   >  >>