للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهلها، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً، فالأنبياء أعم، والنبوة نفسها جزء من الرسالة، فالرسالة تتناول النبوة وغيرها بخلاف النبوة فإنها لا تتناول الرسالة (١).

كما أنه لا يصح قول من ذهب إلى أنه لا فرق بين الرسول والنبي، ويدل على بطلان هذا القول ما ورد في عدد الأنبياء والرسل، فقد ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن عدد الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، وعدد الرسل ثلاثمائة وبضعة عشر رسولاً (٢)، ويدل أيضا ما ورد في كتاب الله من عطف النبي على الرسول: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} الحج: ٥٢ (٣).

وعليه فالنبي والرسول بينهما عموم وخصوص مطلق، وكذا النبوة والرسالة، فالرسالة أعم من جهة نفسها؛ إذ النبوة داخلة في الرسالة، كما أنها أخص من جهة أهلها؛ إذ كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، والرسالة أفضل من النبوة، والرسول أفضل من النبي (٤).

ثانياً: الإيمان بالرسل وما يتضمنه:

وعليه فالإيمان بالرسل: هو الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى بعث في كل أمة رسولاً يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونبذ ما سواه؛ فقد اتفقت دعوتهم من أولهم إلى آخرهم في أصل الدين -وهو توحيد الله - عز وجل - بإلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته-، ونفي ما يضاد ذلك أو ينافي كماله، قال - عز وجل -: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا


(١) ينظر: الإيمان لابن تيمية (ص ٦ - ٧)، وأعلام الحديث للخطابي (١/ ٢٩٨)، والمنهاج للحليمي (١/ ٢٣٩)، والدرة فيما يجب اعتقاده لابن حزم (ص ٣٨٠)، والفصل له (٥/ ١١٩ - ١٢٠)، والنبوات لابن تيمية (٢/ ٧١٤)، شرح الطحاوية (١/ ١٥٥)، ولوامع الأنوار البهية (١/ ٤٩)، أضواء البيان (٥/ ٧٣٥).
(٢) رواه أحمد في مسنده برقم (٢١٥٤٦، ٢١٥٥٢)، أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم (٣٦١)، وابن عدي في الكامل (٧/ ٢٤٤)، والطبري في تاريخه (١/ ٧٦)، وهذا الحديث معلول كما ذكر العلماء، قال الذهبي: متروك، وقال ابن باز: ضعيف.

ينظر: الميزان (١/ ٧٢ - ٧٣)، الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي (٢/ ١٤٢)، واللسان (١/ ١٢٢ - ١٢٣)، فتاوى نور على الدرب (١/ ٧٩).
(٣) ينظر: شرح الأصول الخمسة لعبد الجبار (ص ٥٦٧)، أعلام النبوة للماوردي (ص ٧٠)، غاية المرام في علم الكلام للآمدي (ص ٣١٧)، المواقف في علم الكلام لعبدالرحمن الإيجي (ص ٣٣٧). وشرح العقيدة الطحاوية (ص ١٦٧)، ولوامع الأنوار البهية (١/ ٤٩)، والرسل والرسالات للأشقر (ص ١٢).
(٤) ينظر: الإيمان لابن تيمية (ص ٦ - ٧)، شرح الطحاوية (١/ ١٥٥)، لوامع الأنوار البهية (١/ ٤٩ - ٥٠).

<<  <   >  >>