للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطَّاغُوتَ} النحل: ٣٦، فنؤمن بمن سمى الله في كتابه منهم، وقص علينا من أنبائهم ونبَّأنا من أخبارهم ما فيه كفاية وعبرة وموعظة إجمالاً وتفصيلاً، ثم قال: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)} النساء: ١٦٤، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} غافر: ٧٨، فنؤمن بجميعهم تفصيلاً فيما فصل وإجمالاً فيما أجمل، ونؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وإيماننا به غير إيماننا بسائر الرسل (١).

لذلك كان مذهب السلف الصالح - رضي الله عنهم - في باب الإيمان بالرسل يقوم على أربعة قواعد هي:

الأول: الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى.

الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه، ومن لم نعلم اسمه منهم فنؤمن به إجمالاً فإن لله رسلاً وأنبياء لا يعلم عددهم وأسماءهم إلا هو سبحانه.

الثالث: تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.

الرابع: العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو خاتمهم محمد - عليهما السلام - المرسل إلى جميع الناس (٢).

كما أن الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام، يتضمن ما يلي (٣):

١ - يتضمن الإيمان بالرسل إثبات صفة الرحمة لله - عز وجل - بعباده؛ فإن الله - سبحانه وتعالى - لم يخلق الناس عبثاً، ولم يتركهم سدى، بل بيَّن لهم سبحانه أنه ما خلق الخلق إلا لحكمة


(١) إيمانك بسائر الرسل: إقرارك بهم، وإيمانك بمحمد - صلى الله عليه وسلم - إقرارك به، وتصديقك إياه، واتباعك ما جاء به. ينظر: تعظيم قدر الصلاة (١/ ٣٩٣). وينظر للإيمان بالرسل: منهاج السنة (٢/ ٤١٦) وما بعدها، ومجموع الفتاوى (٧/ ٣١٣)، وشرح الطحاوية (٢/ ٤٢٣) وما بعدها، ومعارج القبول (٢/ ٧٨) وما بعدها.
(٢) ينظر: تعظيم قدر الصلاة لمحمد المروزي (١/ ٣٩٣)، المنهاج للحليمي (١/ ٢٣٧ - ٢٣٨)، شعب الإيمان للبيهقي (١/ ٣٧١)، جامع العلوم والحكم (١/ ١٠٢)، فتح الباري (١/ ١١٨)، معارج القبول (٢/ ٦٧٧)، فتاوى ابن عثيمين (١/ ١٢٤ - ١٢٥)، مباحث العقيدة في سورة الزمر لناصر الشيخ (ص ٤٧١).
(٣) ينظر: منهج الحافظ ابن رجب الحنبلي (ص ٦١٤ - ٦١٨)، والتوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص ٧٩).

<<  <   >  >>