للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسله، كما أن "الإيمان بالنبوة والرسالة ينبني على الإيمان بالربوبية والإلهية" (١)؛ لأنها "شأن من شؤونه سبحانه ومتعلق صفاته في النوع البشري، فإنها من مقتضى الحكمة، وأجل آثار الرحمة" (٢).

وبهذا تتبين لنا تلك الرابطة القوية والمتينة بين الإيمان بالله والإيمان بالرسل، فمعرفة الله والإيمان به لا تكون ولا تحصل إلا عن طريق أولئك الذين بعثهم الله لهداية الناس، مبينين لهم هذا الأمر العظيم، وموضحين الطريق الموصل إلى ذلك.

ثالثاً: بيان أهمية الإيمان بالرسل:

أرسل الله - عز وجل - رسله هدايةً للعباد، وفضلهم على سائر خلقه، وجعل لهم المنزلة السامية، والمكانة الرفيعة، وجعلَ الإيمان بهم ركناً من أركانِ دينهِ، لا يصح إيمان العبد إلا بالإيمان بهم، وعهد إليهم بمهمة كبيرة، ووظيفة جليلة، ألا وهي تحقيق العبودية له - عز وجل -، والدعوة إليه، وفي هذا يقول - سبحانه وتعالى -: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} الأنبياء: ٢٥، ومن هنا كان للإيمان بالرسل أهمية عظمى، تبرز فيما يلي:

o معرفة الله تعالى على النحو الصحيح:

معرفةُ الله تعالى المعرفةَ الصحيحة لا تكون إلا عن طريق ما جاء به الرسل -عليهم السلام-. فلن يصل العبد إلى توحيد الله ومعرفته ومعرفة "صفاته وآياته الدالة على كماله وتنزهه عن النقص، وما يجب له من عبادته وشكره وذكره على النحو الذي تتزكى به النفس، وتتطهر من أدران مساوئها، وتصل إلى الكمال المستعدة له بفطرتها" (٣)، إلا إذا كان مؤمناً برسل الله تعالى؛ فهذه الثمرة من ثمار الإيمان بالرسل لا يصلح حال الإنسان إلا بها، ولا يمكن أن تكون هذه المعرفة على الدرجة من التمام والكمال إلا إذا كان الداعي إليها رسول من قبل الله تعالى أراد الله به أن ترجع الإنسانية عن انحرافها وتعرف حقيقة معبودها (٤).


(١) تفسير المنار، لمحمد رشيد بن علي رضا (١/ ٢١٦).
(٢) تفسير المنار (٧/ ٦١٢).
(٣) الوحي المحمدي، محمد رشيد رضا (ص ٣٤).
(٤) القصد والوسطية في ضوء السنة النبوية، لعبد الواحد الشبريني (ص ٣٠٩).

<<  <   >  >>