مشوبة بالشبهات والمؤثرات الخارجية-إلى معرفة الله تبارك وتعالى. مما يدل على انحرافهم في هذا الباب.
٢ - استنادهم إلى الأقيسة الكلامية والمقدمات المنطقية والأدلة الجدلية، فأرادوا تنزيه الذات الإلهية عن مماثلة الحوادث والمخلوقات، فوصفوا المخلوقات بما سلبوه من الذات الإلهية، فأفرطوا في الربوبية بزعمهم تنزيه الله وجعلهم المخلوقات مشاركة لله في صفات ربوبية أو منفردةً بها.
- رابعا: أثر اجتماع الرد على البدع المتقابلة في موطن واحد:
أتت هذه الآية الكريمة للدلالة على أن المذهب الحق ليس ما ذهب إليه أصحاب البدع المتقابلة، في معرفة الله - عز وجل -، بل هو ما ذهب إليه سلف الأمة، وأئمتها من الصحابة، والتابعين - رضي الله عنهم - ومن سار على طريقهم، في أن معرفة الله تعالى وصفاته تعرف بالسمع لا بالعقل فقط؛ لأنه لا أحد أعلم بالله من الله - عز وجل - (١).
الآية الثالثة:
قال الله تعالى:{إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} الممتحنة: ٤، نجد أن هذه الآية تردُ على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:
- أولاً: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط.
في هذه الآية ردٌ قاطع على من أنكر ربوبية الله - عز وجل - من الملاحدة وغيرهم فلم يحقق الدعاء له سبحانه، كما أن فيها رداً على الجبرية والقدرية وغيرهم الذين أنكروا وعطلوا فائدة دعاء الله - عز وجل -، ففي قوله تعالى:{لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ}، دليل واضح على أن دعاء الله من مقتضى ربوبيته الشاملة للخلق كلهم، ولهذا كانت إجابة الدعاء غير خاصة بالمؤمنين بل الله يسأله كل الخلائق فيجيبهم {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} الإسراء: ٦٧، {أَمَّنْ يُجِيبُ
(١) ينظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٢/ ١٩٣ - ١٩٦).