(٢) وهذه الإرادة التي أثبتوها هي الإرادة الشرعية، وهي التي تتعلق بالأمر والترغيب؛ لأن الإرادة الكونية (المشيئة) -وهي المرتبة الثالثة من مراتب القدر- فقد أنكروها، وزعموا أن العبد مستقل بإرادة فعله، وهو الذي أحدثها، وحملوا نصوص المشيئة على معنى الأمر والتكليف. ينظر: الصفدية (١/ ١٠٦ - ١٠٨). (٣) كذلك في كثير من مسائل الأسماء والصفات. (٤) والصواب أن المشيئة والإرادة الكونية العامة لا تلازم بينهما وبين الرضا والمحبة الدينية، وقد دلت الأدلة على التفريق بينهما، وهكذا الحال في الإرادة، فهناك إرادة كونية وهناك إرادة شرعية مرادفة للمحبة والرضا، وهكذا القضاء، فهناك قضاء كوني مرادف للمشيئة العامة والإرادة العامة، وهناك قضاء شرعي مرادف للمحبة وللإرادة الدينية وهكذا الأمر والإذن والكتاب والحكم والتحريم والكلمات كل منها ينقسم إلى كوني مرادف للمشيئة العامة، وإلى شرعي مرادف للمحبة والرضا، فمن لم يفرق بينهما وقع في الاضطراب والتناقض، وأسعد الناس بمعرفة هذه الفروق والقول بمقتضاها والحكم بموجبها هم السلف ومن تبعهم بإحسان، فجاء مذهبهم في القدر متسقاً مع أدلة الكتاب والسنة منسجماً مع الفطرة السليمة لا وكس فيه ولا شطط.
ينظر: شرح الطحاوية (١/ ٣٢٤)، منهج الإمام ابن أبي العز الحنفي (ص ٣٢٦). (٥) ينظر: المعني في أبواب العدل والتوحيد والإنصاف، للباقلاني (٤٤ - ٤٥)، والإرشاد للجويني (ص ٢١١). (٦) ينظر: منهاج السنة (٣/ ١٨١) (٥/ ٣٢١، ٣٥٩ - ٣٦٠)، مدارج السالكين (١/ ٢٧٥)، المسائل العقدية المتعلقة بالحسنات والسيئات (١/ ٣١٨).